تعزيز المشاركة الإقتصادية للمرأة وتمكينها: رؤى من تقرير "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2023"
تعد المشاركة الإقتصادية للمرأة وتمكينها من الأمور الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. يقدم تقرير "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2023" الصادر عن البنك الدولي رؤى قيمة عن التقدم والتحديات والإصلاحات في تعزيز المساواة بين الجنسين في الأطر القانونية في جميع أنحاء العالم. وتستكشف هذه المقالة النتائج الرئيسية للتقرير في ما يتعلق بالعالم العربي تحديداً، وتؤكد على أهمية المساواة بين الجنسين للنمو الإقتصادي والإزدهار المشترك.
سد الفجوات بين الجنسين والتقدم المتسارع
كانت الإقتصادات ذات الفجوات القانونية الأكبر بين الجنسين تخطو خطوات كبيرة، لا سيما منذ عام 2000. وتجدر الإشارة إلى أن بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد أظهرت تقدمًا متسارعًا. وتتميز البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ببعض من أسرع معدلات النمو السنوية في مؤشر المرأة وأنشطة الأعمال والقانون، مما يشير إلى زيادة في المساواة بين الجنسين في أطرها القانونية.
الإصلاحات الأخيرة: الخطوات العملية نحو المساواة بين الجنسين
في العام الماضي، يسلط التقرير الضوء على أن 18 إقتصادًا من الإقتصادات في العالم قد حسنت درجاتها الخاصة بالنساء وأنشطة الأعمال والقانون. وقد ارتفعت درجة العراق من 45 في عام 2022 إلى 48.1 في عام 2023، مما يعكس تغييرات إيجابية في إطاره القانوني. وبالمثل، شهدت البحرين تحسنًا، حيث ارتفعت درجتها من 65 في عام 2022 إلى 68.1 في عام 2023. ومع ذلك، شهدت بعض الإقتصادات العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، انخفاضًا في درجتها بسبب التغييرات القانونية التي قللت من التزامها بالمساواة بين الجنسين. أدى سن المملكة العربية السعودية لقانون الأحوال الشخصية في عام 2022 إلى فرض قيود على حقوق المرأة المتزوجة، مما أدى إلى انخفاض درجتها المرتفعة نسبياً من 80 إلى 71.3.
العوامل الدافعة للإصلاحات: دراسات الحالة والمحددات
تكشف دراسات الحالة من دول مثل الإمارات العربية المتحدة أن
لسن التشريعات. إن فهم هذه العوامل الدافعة أمر بالغ الأهمية لتوجيه جهود السياسة المستقبلية وتسريع التقدم نحو المساواة القانونية بين الجنسين.التحديات في المناطق المتأثرة بالنزاع
وتواجه هذه الإقتصادات، من بين 27 اقتصادا منخفض الدخل تم فحصها، عقبات كبيرة بسبب تأثير الصراع على جودة السياسات والقدرة المؤسسية.
التفاوتات الإقليمية في المساواة القانونية للمرأة
ويؤكد التقرير أن المساواة القانونية للمرأة تختلف داخل المناطق وفيما بينها. مناطق مثل دول منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية (OECD) ذات الدخل المرتفع وأوروبا وآسيا الوسطى وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي لديها متوسط درجات أعلى من المتوسط العالمي البالغ 77.1. ومع ذلك، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى جانب جنوب آسيا، متأخرة عنها مع بعض من أقل المتوسطات في الدرجات. وتجدر الإشارة إلى أن
تأثير العنف الأسري: معالجة قوانين الحماية
تسلط الأبحاث الضوء على الأثر السلبي للعنف ضد المرأة على التنمية الإقتصادية، لا سيما في البلدان التي تفتقر إلى قوانين للحماية من العنف المنزلي. ويؤكد التقرير على أهمية اعتماد وتعزيز التشريعات المناهضة للعنف الأسري وتعزيز مشاركة المرأة في اتخاذ القرار ومعالجة انتشار العنف الأسري والتكاليف الإقتصادية المرتبطة به. على الرغم من التقدم الإيجابي في هذا المجال، فقد سنت بعض الإقتصادات، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، تشريعات تحد من حقوق المرأة في الزواج.
دراسات حالة للإصلاحات الناجحة
يعرض التقرير العديد من دراسات الحالة التي تثبت نجاح بعض الإصلاحات القانونية. على سبيل المثال، تتماشى جهود العراق لحظر التمييز بين الجنسين في الحصول على الإئتمان مع التزامه بتعزيز الشمول المالي. ويوضح إصدار تعميم البنك المركزي التزام العراق بإدماج النساء مالياً من خلال الإصلاحات التنظيمية. يتماشى هذا مع اتجاهات الإصلاح الإقليمية التي شوهدت عبر الإقتصادات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك البحرين ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقد استخدمت الإمارات بيانات من تقرير "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون" لتحديد الثغرات في التشريعات القائمة وتوجيه الإصلاحات الشاملة نحو المساواة بين الجنسين. لعب تنفيذ الإصلاحات التشريعية دورًا محوريًا في تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها الإقتصادية. لا تسهل مثل هذه المبادرات وصول المرأة إلى الخدمات المالية فحسب بل تساهم أيضًا في تقليل الفوارق بين الجنسين وتعزيز النمو الإقتصادي في المنطقة.
بالإضافة إلى التقدم الملحوظ والتحديات التي تم إبرازها سابقًا، من الضروري الإعتراف بالجهود التي تبذلها مختلف الإقتصادات العربية في تعزيز التمكين الإقتصادي للمرأة. على سبيل المثال، أظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة التزامًا بالمساواة بين الجنسين من خلال تنفيذ إصلاحات شاملة، مثل تعديلات قانون الأحوال الشخصية وقانون العمل الإتحادي. وكان لهذه الإصلاحات تأثير مباشر على حرية المرأة في الحركة واتخاذ القرار والأجر المتساوي عن عملها. وبالمثل، فإن جهود الإصلاح الأخيرة في العراق، بما في ذلك حظر التمييز على أساس الجنس في الحصول على الإئتمان، تعكس تفاني البلاد في تعزيز الشمول المالي للمرأة. هذه الخطوات الإيجابية هي شواهد على إمكانية التغيير والأثر التحويلي للإصلاحات القانونية في تعزيز المشاركة الإقتصادية للمرأة وتمكينها في جميع أنحاء المنطقة العربية.
على الرغم من بعض التقدم، يسلط تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2023 الضوء على التحديات المستمرة التي تواجهها بعض الإقتصادات في إصلاح القوانين التمييزية تاريخيًا. ويُعد السودان مثالاً على دولة ذات تقدم محدود على الرغم من أنها بدأت من قاعدة منخفضة. مع الحصول على درجة 29.4 فقط في عام 2023، وذلك ارتفاعًا من 17.5 في عام 1970، يبرز بطء وتيرة الإصلاح في السودان الصعوبة في تغيير القوانين التمييزية في بعض الإقتصادات. ويؤكد هذا التفاوت على أن الإقتصادات ذات الأداء الضعيف لن تلحق بالضرورة مع مرور الوقت من دون بذل جهود متواصلة وتدخلات هادفة لمعالجة عدم المساواة القانونية بين الجنسين. كما يؤكد هذا التفاوت أهمية استمرار الدعوة وإصلاح السياسات والدعم الدولي لتسريع التقدم وضمان أن يصبح التمكين الإقتصادي للمرأة حقيقة وواقع للجميع.
يقدم تقرير "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2023" من البنك الدولي تقييمًا شاملاً للتقدم العالمي في تعزيز المساواة بين الجنسين من خلال الإصلاحات القانونية على مدى العقود الخمسة الماضية. إنه بمثابة مورد حيوي لواضعي السياسات والمجتمع المدني والقطاع الخاص والباحثين لفهم الحواجز القانونية التي تواجهها النساء في جميع أنحاء العالم. من خلال الإستفادة من الرؤى من هذا التقرير، يمكن للإقتصادات أن تسن إصلاحات ذات مغزى وتخلق مجتمعات أكثر شمولية وازدهارًا.