قطاع التمويل متناهي الصغر في مصر ما بين التدابير الإحترازية والإستجابة الفعلية أمام تفشي فيروس كورونا المستجد
مما لا شك فيه أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) قد أحدث اضطرابا على كل المستويات وضرب الكثير من اقتصاديات العالم القوية منها والضعيفة، وها نحن ندخل الأسبوع السابع والثامن فى بعض الدول العربية ولا يزال التساؤل عن القادم المجهول. وقد أدركت البلدان التي ضربها الفيروس عواقب الدمار الذي سيجلبه المرض وتوقف الأنشطة الاقتصادية على المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، والمؤسسات المالية التي تخدمها وعلى البيئة الإقتصادية بصورة عامة. ولهذا اقدمت الكثير من الدول العربية التى يتواجد بها قطاع كبير للتمويل الأصغر والمتناهي الصغر على إصدار بعض التعليمات والإرشادات للعاملين بالقطاع -سواء شركات أو جمعيات غير هادفة للربح أو بنوك– فى محاولة للتعامل مع الأزمة الحالية بحنكة وفى نفس الوقت للحفاظ على عملاء القطاع. من خلال سلسلة مقالات المدونة، تقوم سنابل، شبكة التمويل الأصغر في البلدان العربية بالتعاون مع بوابة الشمول المالي للتنمية، بعرض الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الجهات الإشرافية والرقابية وكيف قامت مؤسسات التمويل الأصغر بتطبيقها لإدارة الأزمة بهدف تبادل الخبرات في المنطقة العربية. ونظرا لحجم القطاع، سوف نبدأ بجمهورية مصر العربية.
تدابير إحترازية للحفاظ على استقرار تمويل 3.1 مليون مشروع للمواطنين البسطاء
بنهاية العام المالي 2019 ، وصل عدد مقدمي خدمات التمويل متناهي الصغر فى مصر لـ 964 مقدما للخدمة ( 11 شركة و17 منظمة غير هادفة للربح من الفئة أ، و16 منظمة غير هادفة للربح من الفئة ب، و 920 منظمة غير هادفة للربح من الفئة ج) ، يخدمون أكثر من 3.1 ملايين عميلا نشطا بمحفظة قروض تتجاوز 16.5 مليار جنيه مصري (حوالى مليار واربعون مليون دولار أمريكي). وينظم القانون رقم 141 لعام 2014 عمل قطاع التمويل متناهي الصغر فى مصر، ويمنح القانون الهيئة العامة للرقابة المالية سلطة الترخيص والتنظيم والإشراف على القطاع. وفى ضوء ما أثير من نقاش دائر بشأن تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد على صناعة التمويل متناهي الصغر في مصر، وإيماناً من الهيئة العامة للرقابة المالية بأهمية الحفاظ على مُكتسبات نشاط التمويل متناهي الصغر على مدار فترة الخمس سنوات الماضية، تم إصدار الكتاب الدوري رقم 3 بشأن الإجراءات الاحترازية لمواجهة مخاطر فيروس كورونا على نشاط التمويل متناهي الصغر في مصر ونعرض هنا أبرزها:
- الإجراءات الوقائية التي يجب اتباعها لضمان صحة العاملين والعملاء
- على كل جهة اعتماد خطة لاستمرارية العمل وحالة الطوارئ لديها، مع مراجعة الخطة أسبوعيا.
- إيلاء الجدية الكاملة من كافة العاملين في التعامل مع الخطة وتعزيز الوعي بينهم.
- العمل على تزويد الفروع بأجهزة الكشف المبكر عن الإصابة بالفيروس للعاملين والعملاء واتخاذ ما يلزم حال الاشتباه في أي حالة.
- استخدام قفازات الحماية للعاملين والعملاء خاصة عند تداول النقدية.
- الحرص على النظافة في المراكز الرئيسية والفروع وخزائن النقدية.
- مراجعة المستهدفات الخاصة بنمو المحفظة وإعادة النظر في مدى ملائمة النسب الموضوعة وتوزيعها الجغرافي مع الظروف الراهنة.
- اعتماد آلية المتابعة عن بعد لأداء محفظة مسئولي التمويل، واللجوء للمتابعة الميدانية في حال الضرورة.
- إتاحة استخدام الوسائل الإلكترونية في العمليات اليومية وتداول المستندات.
- تعزيز الدور التنموي لمؤسسات التمويل متناهي الصغر
- مراجعة سياسة التسعير الخاصة بكل جهة تمويل فيما يتعلق بالتمويلات الجديدة لضمان مراعاتها للتيسيرات التي أتاحها البنك المركزي واعتمادها خلال فترة 3 أسابيع.
- توعية العملاء بتيسيرات إلغاء الرسوم والعمولات المطبقة على نقاط البيع الالكتروني لمدة 6 أشهر لتشجيعهم على استخدامها.
- العمل على تزويد العملاء بخدمات مالية وغير مالية تلائم الظروف الراهنة.
- التعامل مع العملاء
- إعادة تنظيم مسار العمل اليومي بالفروع لمنع التكدس والزحام.
- توزيع حركة العمل مع العملاء لضمان وجود أقل عدد ممكن موزعين في أماكن متباعدة.
- التركيز على استخدام وسائل الدفع غير النقدي المتاحة.
- إدارة مخاطر المحفظة
- مراعاة تطبيق اعتبارات منح التمويل بدقة وعدم تحميل العميل ما يفوق قدرته على السداد.
- التحقق من سريان صلاحية وثائق التأمين الإلزامي لعملاء التمويل متناهي الصغر من الفئات (أ،ب) والشركات طوال الوقت.
- المتابعة اليومية لمعدلات عدم الانتظام على مستوى الجمهورية واتخاذ ما يلزم لمواجهة بؤر التعثر في حال ظهورها لإيقاف خسائر المحفظة.
- مراعاة المرونة اللازمة في آلية جدولة التمويلات غير المنتظمة وفقا لكل حالة وبما يسمح بالسداد الملائم لقدرة العميل الراهنة.
- تشكيل لجنة أو أكثر متخصصة للنظر في تقدير الظروف الاستثنائية الراهنة للعملاء غير المنتظمين خاصة في القطاعات الأكثر تضررا من الأزمة ومتابعة تطبيق مبادئ حماية العميل وتقديم حلول المعالجة الملائمة.
- تلتزم الشركات والجمعيات والمؤسسات الأهلية من الفئات (أ،ب) بتقديم موقف المحفظة في خطر للهيئة بشكل أسبوعي، وفقا لأسس حساب المخصصات المعتمدة من الهيئة.
وقامت الهيئة بإصدار الكتاب الدورى رقم 4 خلال 10 أيام من الكتاب الدوري رقم 3 وتضمن عدة تيسيرات إضافية لعملاء التمويل متناهى الصغر المنتظمين في السداد تستهدف تخفيف عبء المديونيات القائمة على كاهلهم، وتتمثل فى واحدة أو أكثر من الخيارات التالية:
- إمكانية ترحيل 50 % من قيمة الأقساط المُستحقة لشهري مارس وابريل لأخر جدول التمويل مع تحمل العميل تكلفة الترحيل.
- تتحمل المؤسسات / الشركات عبء مصروفات المعاملات المالية الالكترونية المختلفة التي تتم مع جهات الدفع الإلكتروني الأخرى.
- إعفاء العملاء من عمولة السداد المعجل للمديونيات فى حال دفع العميل أكثر من قسط.
- تخفيض قيمة المصاريف الإدارية لتجديد التمويلات القائمة.
- تساهم جهات التمويل متناهي الصغر فى تحمل قيمة أقساط التأمين الإلزامي متناهي الصغر ضد مخاطر الوفاة والعجز الكلي المستديم.
وفي استجابة سريعة للإجراءات الاحترازية التي أوصت بها هيئة الرقابة المالية، قامت العديد من المؤسسات والشركات بإتباع هذه القرارات والإجراءات.
استجابة مؤسسات وشركات التمويل متناهي الصغر في مصر
- حزمة إجراءات وقائية على مستوى الفروع وتشمل النظافة والتعقيم الكامل للفروع، إغلاق بعض الفروع لعدة أيام لاستكمال التعقيم، تسلم كل موظف عبوة تعقيم ووقاية (زجاجه كحول اثيلي، كمامه، قفاز طبي)، تعقيم كل عميل قبل دخول الفرع، مسح الأرضيات بالمطهرات كل ساعة تقريبا، و إلغاء جهاز البصمة.
- حزمة إجراءات لتنظيم العمل الداخلي وتشمل عدم تكدس الموظفين في الفروع من خلال السماح بآلية العمل من المنزل كلما أمكن، وجود عدد محدود من الموظفين بأي إدارة فى نفس الوقت، النزول المحدود للعملاء بالسوق والتواصل الهاتفي مع المستفيدين أو من خلال الرسائل التليفونية وشبكات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، إعداد خطة أساسية وأخرى بديلة لكل إدارة ليكون هناك مسئول أول ومسئول ثاني لكل خطة، تصميم خطة لاستمرارية العمل، وذلك لخدمة العملاء بشكل دوري.
- حزمة إجراءات لتخفيف العبء المالي على العملاء وتشمل تأجيل سداد قسط شهر أبريل لكافة العملاء دون تحمل أى رسوم، إمكانية ترحيل أقساط شهري مارس وابريل إلى نهاية فترة التمويل، منح العملاء المنتظمين بدون أى ترحيل مزايا تنافسية أخرى (حوافز انتظام السداد)، إمكانية زيادة مدة القرض لضعف المدة المتبقية بما لا يتجاوز مدة التمويل الأصلية لتخفيف العبء الشهري على العملاء، تصميم برامج سداد جديدة للعملاء الذين تأثرت مشروعاتهم بالأحداث، سداد قيمة التأمين على العملاء ضد الوفاة أو العجز الكامل دون أى تحميل مصاريف على العميل، خصم مميز في حال سداد قسط شهر ابريل في موعده، إعفاء العملاء من مصاريف السداد المعجل، وتخفيض الفائدة عند تجديد القرض أو مع أى قرض جديد، تحصيل أقساط جزئية من العملاء المتضررين بعد دراسات الحالة وثبات الضرر، مع إعفاء هؤلاء العملاء من غرامات التأخير اليومية، إعفاء العملاء من كافة المصاريف الإدارية لإصدار اى تمويل خلال شهر أبريل، قبول التعامل مع العملاء المنتهية صلاحية تاريخ بطاقة الرقم القومي الخاصة بهم، وإيقاف كافة الإجراءات القانونية ضد العملاء المتأخرين خلال شهري مارس وأبريل بشرط انتظام العميل في السداد حتى شهر فبراير الماضي قبل اندلاع الأزمة.
- توعية العملاء والخدمات غير المالية. بالإضافة إلى ما سبق، قامت العديد من المؤسسات والشركات بتقديم عدد من الخدمات غير المالية تمحورت حول توعية للعملاء من خلال نشرات توعية حول فيروس الكورونا وكيفية التعرف عليه في حال الشك في وجود إصابة وخطوات العزل، ونشرات توعية حول تدابير الوقاية من الإصابة، ونشرات توعية حول إمكانية العمل من المنزل بالنسبة للأنشطة المنزلية أو للأنشطة التى يمكن تحويلها لأنشطة منزلية للحد من التواجد خارج المنزل، وكيفية استعمال القنوات الإلكترونية المختلفة لدفع الأقساط أو إستلام التمويل.
كما قامت كل المؤسسات والشركات العاملة بالقطاع بتقديم الشكر وتقدير الموظفين لما يبذلوه من مجهود للحفاظ على مؤسساتهم وعلى صناعة التمويل متناهي الصغر في مصر بالإضافة إلى قيام بعض المؤسسات بالتبرع بعدد من أجهزة التنفس الصناعي لعدد من المستشفيات والتبرع إلى صناديق الدعم المختلفة ضمن إطار مسؤوليتهم الإجتماعية.
تعاون بين الأطراف العاملة بمنظومة التمويل متناهي الصغر في مصر
وقامت هيئة الرقابة المالية بتشكيل مجموعة إدارة الأزمة لمتابعة تطورات الموقف عن قرب. كما قام الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر بجهود مميزة خلال الأزمة حيث كان يعمل مع الهيئة بشكل يومى لمتابعة القطاع ولإصدار الكتب الدورية لمساعدة القطاع والعملاء بشكل واضح. ومع وقوع العديد من المشاكل للشركات والمؤسسات بسبب كتاب البنك المركزي والصادر بتاريخ 29 مارس 2020 والخاص بوضع حد أقصى يومي لعمليات الإيداع والسحب، عمل رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية ومدير وحدة الرقابة على التمويل متناهي الصغر داخل الهيئة على إستثناء جمعيات ومؤسسات وشركات التمويل متناهي الصغر من الخضوع للقرار ووافق البنك المركزى على عدم سريان حدود على الإيداع الخاص بالجمعيات والمؤسسات وشركات التمويل متناهي الصغر، وعدم سريان حدود على السحب الخاص بالجمعيات والمؤسسات وشركات التمويل متناهي الصغر مع مراعاة ان يقوم البنك المعني بتعزيز قيمة السحب مع البنك المركزي تليفونيا قبل السحب، ويتم ذلك في نفس اليوم. وتم إبلاغ رئيس الاتحاد لإبلاغ الشركات والجمعيات والتنسيق معهم في حال حدوث أي مشاكل. كما أعلن البنك المركزي عن تعديل القواعد المنظمة لنظام تسجيل الإئتمان لدعم العملاء غير المنتظمين في السداد بغرض التيسير على هؤلاء العملاء لإعادة إدماجهم في القطاع المصرفي. ومن جانبه، أعلن الإتحاد مؤخرا عن إطلاق خدمة الخط الساخن (16958) لتلقي كافة استفسارات الأعضاء عن التطورات السريعة التي يشهدها القطاع المالي في مصر وتأثير ذلك على صناعة التمويل متناهي الصغر.
وتستمر جهود كل الأطراف العاملة بمنظومة التمويل متناهي الصغر في مصر لدعم القطاع والحفاظ على استمراره، وحماية العميل ومحاولة مساندته بكافة الأشكال في وقت الصعوبات. وسوف نستمر في متابعة الموقف الآخذ في التغير بوتيرة سريعة وتحديث المعلومات.
>> المزيد عن الشمول المالي في مصر.