تغيرات جوهرية تشهدها خريطة التمويل متناهي الصغر في مصر
بعد إطلاق البنك العربي الإفريقي بالمشاركة مع إحدى المؤسسات الألمانية للعمل في مجال التمويل متناهي الصغر، يتوقع السوق المصري خلال الفترة القادمة تضاعف حجم هذا النشاط التمويلي والموجه في الأساس إلى محدودي الدخل وأصحاب المشروعات الصغرى.
وأكد شريف سامي، خبير الاستثمار والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، أن السوق تستوعب على الأقل ثلاثة أمثال حجم التمويل متناهي الصغر الممنوح حالياً والمقدر بنحو 10 مليارات جنيه، منها أكثر من 7 مليارات مقدمة من المؤسسات والجمعيات الأهلية والشركات المرخص لها بممارسة النشاط، هذا بافتراض استهداف الوصول لنسبة 10% من شريحة السكان بين سن 21 و65 سنة (والمقدر عددهم بنحو 55 مليون مواطن) بمتوسط قيمة اقراض للعميل الواحد تتراوح بين خمسة آلاف وعشرة آلاف جنيه، وتضم تلك النسبة الرجال والنساء القادرين والراغبين فى القيام بأنشطة ومشروعات فى مجالات البيع والخدمات مثل صيانة الأجهزة والمعدات والمطاعم والنقل الخفيف وأعمال التشطيب والحرف وتلك المرتبطة بالزراعة مثل تربية الدواجن والماشية وكذا صغار التجار وأصحاب المحلات.
وأشار إلى أن الممارسة على أرض الواقع بينت أن الجهات غير المصرفية أكثر مرونة في الاستجابة لمتطلبات سوق التمويل متناهي الصغر، مقارنة بالبنوك، كما تمارس نشاطها بتكلفة أقل من النموذج البنكي، وهو ما دفع عدد من البنوك المصرية، وفي مقدمتها بنك مصر للإعلان عن تأسيسها أو دراستها لإطلاق شركة تتخصص في التمويل متناهي الصغر.
وأوضح شريف سامي إلى أنه وإن كانت المؤسسات والجمعيات الأهلية تستحوذ حاليا على الحصة السوقية الأكبر في مجال التمويل متناهي الصغر مقارنة بالشركات، إلا أن الأخيرة شهدت على مدى الأشهر الماضية معدلات نمو في حجم محفظة التمويل وعدد العملاء يفوق كثيراً معدلات نمو المؤسسات والجمعيات الأهلية، وأعرب عن اعتقاده بأن هذا الاتجاه سيتزايد العام القادم مع تضاعف حجم الشركات الجديدة الوافدة إلى السوق في مصر.
ولفت إلى أن الشركات مقارنة بالمؤسسات والجمعيات الأهلية تتمتع بمرونة أكبر في هيكلها التنظيمي ونظام أجورها مما يؤثر على قدرتها على استقطاب الكوادر المهنية، كما أنها لديها بدائل تمويلية أكثر تنوعاً ومنها التوريق وإصدار السندات قصيرة الأجل وزيادة رأسمالها من خلال طرح الأسهم.
ونوه شريف سامي إلى أن في ضوء التطور الكبير الذي تشهده بنية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر وشبكات نظم المدفوعات، وفي ضوء ما نراه من تجارب عالمية، فإنه من المتوقع أن تلجأ عدد من الشركات إلى استحداث تطبيقات إلكترونية في مجال تقييم الائتمان ومنح التمويل والتحصيل من العملاء، بما ييسر في تقديم الخدمة ويساعد على سرعة الانتشار.
كما شدد على أن ما أصدرته الهيئة العامة للرقابة المالية مؤخراً من استحداث تنظيم صناديق استثمار متخصصة في التمويل متناهي الصغر وما سبقه استحداث تنظيم للتأمين متناهي الصغر، إضافة إلى التعديلات الأخيرة في قانون سوق المال والتي تتضمن لأول مرة استحداث تنظيم ميسر للسندات قصيرة الأجل وكذلك الصكوك، يتيح قنوات تمويلية أكثر تنوعاً يمكن لشركات التمويل متناهي الصغر الاستفادة منها.
وأشار إلى أن تلك التغيرات في الحصة السوقية للشركات وتبني التكنولوجيا ودعم البنك المركزي والهيئة العامة للرقابة المالية لسياسة الشمول المالي، ستؤدي كلها إلى تغيرات جوهرية في خريطة التمويل متناهي الصغر بمصر، وهو ما يصب في مصلحة العملاء من حيث سهولة التعامل أو خفض التكلفة ويعزز التوجه لمزيد من الشمول المالي.