الأخبار

مصر: وباء المزايدات يهاجم التمويل متناهي الصغر

تفرض أزمة كورونا أعباء على كل القطاعات في مصر، وهو أمر تجتهد مؤسسات الدولة في التصدي له واحتواء آثاره، ولكن من المؤسف أن يتاجر بعض أعضاء مجلس النواب بالأزمة لتحصيل مكاسب دعائية أو انتخابية، غير مهتمين بما يمكن أن تؤدي إليه مزايداتهم من كارثة قد تؤدى إلى تصدُّع قطاع التمويل متناهي الصغر، وانتهاء المشروع الاقتصادي الاجتماعي الطموح الذي يستفيد منه نحو أربعة ملايين مصري من أشد فئات المجتمع فقراً وعوزاً، قدّم القطاع إليهم ما مجموعه 16.5 مليار جنيه عام 2019، بجانب أن هذا القطاع يعمل به أربعون ألف موظف يعولون أربعين ألف أسرة.

تقوم فكرة القطاع -ببساطة- على تقديم قروض للفئات الأكثر فقراً ليتاح لهم توظيفها فى مشروعات تُدرُّ دخلاً على أصحابها، وتُسدد هذه القروض خلال مدة تتراوح بين عام وثمانية عشر شهراً. ويضمن السداد المنتظم توفير السيولة اللازمة لتقديمها إلى مستفيدين جدد من الفئة ذاتها الأكثر احتياجاً إلى الدعم، وهكذا.

وبالتالي فإن أى توقف عن سداد القروض يعني حرمان مستفيدين محتملين من فرصة قد تساعدهم على تغيير حياتهم وحياة أسرهم إلى الأفضل مما يضر بملايين المصريين.. وفي الوقت الذي تواجه خلاله الدولة وباء كورونا بشجاعة وحكمة فهذا يحتم على الجميع التفكير والحديث بمسئولية بحيث لا ننشر وباء المزايدات والهجوم غير المبرر على قطاعات الدولة بدلاً من مساندتها على تجاوز الأزمة الراهنة.

وإذا تحول التوقف عن السداد إلى سلوك جماعي فإن القطاع بأكمله مُعرَّض للتداعي والسقوط. وبكل أسف، فإن بعض أعضاء مجلس النواب، وأصواتاً في وسائل الإعلام، تمارس نوعاً من تحريض المستفيدين على التوقف عن سداد الأقساط المستحقة عليهم، وافتعال المشكلات مع الشركات والجمعيات الأهلية التي تقدم هذا التمويل. وهذا التحريض غير المسئول ينقل الأمر من مربع الأزمة إلى مربع الكارثة. والفارق أن كورونا أزمة لا دخل للبشر فيها، أما الكارثة فهي ناجمة عن فعل عمدى يتورط فيه أشخاص يُفترض أن يكونوا الأكثر وعياً ومسئولية.

من أمثلة المزايدات المدمرة أن يطرح أحد النواب فكرة تأجيل دفع القروض لمدة ستة أشهر، أسوة بتأجيل أقساط البنوك لمدة ستة أشهر بناء على توجيهات من البنك المركزي. وللتوضيح فإن قطاع التمويل متناهى الصغر لا يتبع البنك المركزي، بل يتبع «الهيئة العامة للرقابة المالية»، وهناك اختلافات جوهرية بين البنك المركزي والهيئة فى التبعية والاختصاص والأهداف والمهام والموارد.

المزيد عن هذا المحتوى

تاريخ النشر