كسر الحواجز أمام الإدماج المالي للمرأة من البيئة التنظيمية المواتية إلى نماذج الأعمال الناجحة
ينشر هذا الحوار في إطار الشراكة الإعلامية بين التعاون الدولي الألماني GIZ والبوابة العربية للتمويل الأصغر تحت المنتدى الإقليمي للسياسات حول تعزيز الشمول المالي للمرأة في العالم العربي . قام بتنظيم واستضافة المؤتمر رفيع المستوى كل من البنك المركزي الأردني، وصندوق النقد العربي، والتعاون الدولي الألماني GIZ خلال 22-23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 في منطقة البحر الميت، الأردن وبدعم من الجهات الشريكة التالية: التحالف العالمي للإدماج المالي، والاتحاد الأوروبي، والمجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء (سيجاب)، ومنظمة وجوه جديدة أصوات جديدة.
لماذا تم وضع تعزيز الإدماج المالي للمرأة في العالم العربي كأولوية لبرنامج التعاون الدولي الألماني للارتقاء بقطاع التمويل الأصغر في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا؟
يعد تعزيز الإدماج المالي للمرأة عاملا حيويا من أجل تحقيق الشمول المالي للجميع. فالنساء يقمن بدور محوري في التمويل داخل الأسرة ويقابلن مجموعة من التحديات التي قد تختلف من دولة لأخرى، كما يتم إقصائهن مالياً أكثر من الرجال. وبجانب ذلك فإن العديد من الجهود الدولية التي تهدف إلى زيادة الإدماج المالي للمرأة تقتصر علي مناطق أو دول معينة مما يؤدي إلي عدم وصول الدعم للعديد من النساء في البلدان العربية - حيث تنخفض معدلات الشمول المالي للنساء والرجال علي حد سواء. ويقوم برنامج التعاون الدولي الألماني "تعزيز قطاع التمويل الأصغر في منطقة شمال افريقيا والشرق الاوسط" بمخاطبة بعض هذه المشكلات وذلك عن طريق تعزيز الحوار بخصوص سياسات تنمية القطاع المالي، ويعمل البرنامج بصورة وثيقة مع المؤسسات الشريكة لزيادة وعي الأطراف المعنية المختلفة وصانعي السياسات بالاحتياجات المالية المحددة للمرأة في المنطقة العربية كما يشير إلى الدروس المستفادة من التجارب الناجحة حول العالم.
ما هي الأهداف الرئيسية للمنتدى الإقليمي للسياسات حول تعزيز الشمول المالي للمرأة في العالم العربي وما الذي تم تحقيقه؟
لقد عملت GIZ منذ عام 2015 علي تعزيز الإدماج المالي للمرأة في المنطقة من خلال العديد من المبادرات الصغيرة، وتم تخصيص المنتدى هذا العام لهذا الموضوع حيث اجتذب المنتدى 170 مشاركا يمثلون صانعي السياسات في العالم العربي ومن أنحاء العالم وذلك بهدف الوصول لفهم مشترك حول الدور الذي يمكن أن يلعبه المنظمون الماليون في تعزيز الشمول المالي للمرأة، وقد سهل المنتدي عملية تبادل الخبرات بين الأقران حول كيفية وضع سياسات واستراتيجيات مبتكرة تستطيع أن تساعد على سد الفجوة بين الجنسين في عملية الإدماج المالي.
ومن أهم فعاليات المنتدى إعلان إطلاق مبادرة الشمول المالي في العالم العربي التي قدمها صندوق النقد العربي والتحالف العالمي للإدماج المالي (AFI) والتعاون الدولي الألماني. ومن المتوقع أن تجمع هذه المبادرة بين كل بلدان المنطقة لتعزيز التزامهم واستمرار التعلم المشترك. وعلاوة علي ذلك فإن الشراكة بين المنظمات الثلاثة الرئيسية للمبادرة تضمن توافر الدعم اللازم لتشكيل وتنفيذ خطة عمل للإدماج المالي للمرأة على مستوى المنطقة بالتوازي مع خطة عمل ديناراو: التزام التحالف العالمي تجاه عملية الإدماج المالي للمرأة، وقد تم التصديق عليها من قبل أعضاء التحالف أثناء منتدى السياسات الدولية لعام 2016.
ما هي العقبات الرئيسية التي تواجهها المرأة في المنطقة العربية والتي تحد من إدماجها ماليا؟
رغم أن هناك الكثير من الاختلافات الواضحة في وضع المرأة في الدول العربية من تونس إلى اليمن ولبنان والسعودية ، إلا أن هناك عوامل مشتركة في جميع هذه البلدان تحد من المساواة بين الجنسين. إن نساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يحتلن المرتبة الأخيرة في التقرير الدولي عن الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي؛ وهو التقرير الذي يقيس الفجوة بين الجنسين في 136 دولة حول العالم منذ 2006 في مجالات المشاركة والفرص الاقتصادية والتعليم والصحة والتمكين السياسي. وبحسب المؤشر العالمي لتعميم الخدمات المالية لعام 2014*، فإن الإدماج المالي في المنطقة منخفض للرجال والنساء على حد سواء ولكن تظل الفجوة بين الجنسين كبيرة - فالرجل لديه فرصة دخول النظام المالي تساوي ضعف فرصة المرأة. ولا يرجع السبب في هذا الوضع فقط للعادات والتقاليد ولكن أيضا لوجود قوانين لا تساوي بين الجنسين في العديد من البلدان.
الأعراف المجتمعية والمعوقات القانونية وقلة الوعي هي الحواجز الرئيسية أمام الطلب الذي يسمح لصاحبات الأعمال المحتملات من الوصول للخدمات المالية لإقامة مشروعاتهن التجارية الخاصة. ومن ناحية العرض، فإن المؤسسات المالية لا تعتبر المرأة شريحة هامة من السوق ونتيجة ذلك لا تقدم هذه المؤسسات خدمات سهل الحصول عليها أو ملائمة أو يمكن تحمل تكلفتها.
من وجهة نظرك، ما هو المطلوب عمله من أجل تخطي هذه المعوقات؟
هناك حاجة إلى كثير من العمل على جميع المستويات في المنطقة لإحداث التغيير المطلوب لزيادة إمكانية وصول الخدمات المالية للجميع وللمرأة بشكل خاص. والحالات التي تم تغطيتها فى مذكرة السياسات الخاصة بتعزيز تقدم الإدماج المالي للمرأة الأفريقية، توضح أن بيانات الإدماج المالي المنفصلة على أساس الجنس هي مفتاح رئيسي لتحليل السياسات وأبحاث السوق وتساعد على تكوين استراتيجيات فعالة من أجل الإدماج المالي والخدمات للرجل والمرأة معا.
نعلم جميعا الآن أنه لا توجد حلول محددة فعالة تناسب الجميع. ونحتاج أن نفهم الشرائح المختلفة للنساء بصورة أفضل حتى نتمكن من تصميم أساليب ملائمة للتدخل تأخذ بعين الاعتبار أن المرأة في الشرائح الاجتماعية والاقتصادية المختلفة وفي المراحل المختلفة في حياتها تحتاج إلى حلول مختلفة. وعلى سبيل المثال فإن شابة متعلمة غير متزوجة لديها طموحات مختلفة وبالتالي احتياجات مالية مختلفة عن إمرأة غير متعلمة في منتصف العمر وربة منزل. وبالإضافة إلى تصميم خدمات ومنتجات مفصلة حسب الاحتياج، يحتاج مقدمو الخدمات إلى التفكير في قنوات توزيع مبتكرة وتطوير خدمات مالية رقمية لتجاوز الحواجز الاجتماعية التي تحد من حركة المرأة ومشاركتها في بعض المناطق الجغرافية.
وعلاوة علي ذلك فإن تحسين وصول المرأة واستخدامها للخدمات المالية، لن يقتصر فقط علي السماح لها بمزيد من النشاط الاقتصادي ولكن قد يؤدي أيضا إلى خلق فرص عمل ونمو اقتصادي. وعليه فإن الجدوى الاقتصادية من الإدماج المالي للمرأة يجب أن يتم التعبير عنها وتوصيلها بوضوح حتى يكون من الممكن كسر الحواجز واحدا تلو الآخر.
من خلال خبرتك وإطلاعك على الممارسات الجيدة العالمية، كيف تري الأدوار والمسؤوليات الرئيسية لكل طرف من الأطراف المعنية في المنظومة المالية من أجل النهوض بالإدماج المالي للمرأة في المنطقة؟
تعتبر البئية المواتية العامل الأساسي من أجل تحقيق إدماج مالي أكبر ويتطلب هذا جهودا متضافرة من جانب جميع الأطراف المعنية وأصحاب المصلحة. فعلى واضعي السياسات والمنظمين اتخاذ دورا ريادياً لدفع عجلة الشمول المالي للمرأة عن طريق خلق وتنمية مناخ قانوني وتنظيمي يسمح بالتمكين، وعليهم أيضا دفع الجهود من أجل قنوات توزيع أكثر ابتكارا وبنية أساسية تتيح الخدمات والمنتجات المالية بصورة واسعة وسهلة كي تستطيع المرأة الحصول عليها واستخدامها.
أما مقدمو الخدمات فيحتاجون إلى تقديم منتجات مالية تم تطويرها حسب الاحتياجات؛ خاصة تلك التي تستهدف المرأة ذات الدخل المنخفض. وقد استمعنا أثناء المنتدى إلى تجارب كل من البنك التجاري اللبناني BLC Bank وبنك الاتحاد في الأردن؛ حيث قدم كل منهما منتجات مالية تستهدف النساء. وقد بدأ البنك التجاري اللبناني BLC Bank بالتركيز على السوق النسائية في عام 2010 وأصبحت ميزة تنافسية للبنك وأطلقمبادرة التمكين الاقتصادي للمرأة بالتعاون مع التحالف المصرفي العالمي للمرأة . كما استعرض بنك الاتحاد في الأردن برنامج "شروق"، وهو عبارة عن مجموعة حلول مصرفية شاملة وخدمات مالية وغير مالية تم تصميمها خصيصا للمرأة. أما شركاء التنمية والجهات المانحة، فيقومون بدعم تبادل الخبرات المختلفة والتعلم بين الأقران علي جميع المستويات (السياسات العامة وتقديم الخدمات) بالإضافة إلى تطوير المنتجات والأبحاث.
هناك العديد من المبادرات في جميع أنحاء المنطقة. وبالإضافة إلى المبادرات الإقليمية، هناك أيضا استراتيجيات وطنية على مستوى البلدان من أجل التوعية المالية والإدماج المالي، بالإضافة إلى مجموعات عمل متخصصة معنية بمجال الشمول المالي تم تشكيلها من أجل ضمان تنسيق أفضل وتدفق للمعلومات، كما أن العمل علي جمع بيانات منفصلة طبقا للنوع سوف ييدأ قريبا في كل من مصر والأردن وبلدان أخرى في المنطقة. وختاما فإنه من المهم إشراك المرأة في عمليات وضع السياسات العامة وصنع القرار، خاصة فيما يتعلق بالإدماج المالي حتى يتم التعرف علي الاحتياجات والحلول المناسبة.
يهدف برنامج الوكالة الألمانية للتعاون الدولي من أجل تحفيز قطاع التمويل الأصغر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (GIZ MFMR) إلى تحسين الظروف الإطارية من أجل تعزيز وصول السكان ذوي الدخل المنخفض إلى الخدمات المالية الملائمة لاحتياجاتهم. ويقوم البرنامج بدعم صناع السياسات والمنظمين والمشرفين في كل من مصر والأردن والأراضي الفلسطينية من أجل تطوير سياسات الإدماج المالي، وتنظيم قطاع التمويل الأصغر والإشراف عليه بالإضافة إلى تبادل الخبرات والتعلم بين الأقران على المستوى الإقليمي.
*بيانات مؤشر فيندكس للشرق الأوسط لعام 2014 تشمل فقط البلدان التالية: مصر والعراق والأردن ولبنان والضفة الغربية وغزة واليمن.