إعلاء أصوات النساء من أجل الشمول المالي في أفريقيا
نومزا دانيلز هي المدير التنفيذي لصندوق غراسا ماشيل، وهي منظمة أفريقية تركز على الدعوة وكسب التأييد في مجالات صحة الطفل والتغذية والتعليم والتمكين الاقتصادي والمالي للمرأة بالإضافة إلى القيادة والحكم الرشيد. قبل الانضمام إلى صندوق غراسا ماشيل، كانت دانيلز المدير التنفيذي لمنظمة "وجوه جديدة، أصوات جديدة" والتي كانت من طليعة المبادرات الهادفة إلى زيادة الإدماج المالي للمرأة. تم انشاء صندوق غراسا ماشيل من أجل إعلاء أصوات الحركات النسائية، والتأثير على الحكم الداخلي، وتعزيز الدور القيادي للمرأة ومساهماتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية في القارة الأفريقية.
ما هي أبرز أنشطة صندوق غراسا ماشيل من أجل تعزيز الشمول للمرأة في أفريقيا؟
نؤمن جميعا في صندوق غراسا ماشيل بالإسراع من التقدم الاقتصادي للمرأة الأفريقية بهدف أن يكون للمرأة دورا أقوي بكثير في اقتصادنا. وقد رأينا أننا عندما نستثمر في المرأة يكون لذلك أثراً متضاعفاً في المجتمع، فالمرأة تستثمر في أبنائها وفي محيطها المجتمعي وفي تعليم أفضل. والاتجاه الذي يعتمد عليه الصندوق هو المساعدة في تمكين المرأة في قطاعات مختلفة بهدف خلق كتلة حرجة من النساء بإمكانهن دفع التحول الاجتماعي والاقتصادي في أفريقيا.
وفي عام 2010، أسس الصندوق أول شبكة نسائية تحت عنوان "وجوه جديدة، أصوات جديدة" ولها الآن تواجد في 16 دولة أفريقية. وهدف الشبكة هو دفع عملية دمج المرأة ماليا في افريقيا. كيف نقوم بذلك؟ نحن ننادي بدخول عدد أكبر من النساء في النظام المالي الرسمي عن طريق زيادة الوصول إلى التمويل والخدمات المالية للمرأة أيا كان المستوى الاقتصادي أو السن أو المكان الذي تعيش فيه. نحن ندعو أيضا إلى بناء قدرة المرأة من أجل الحصول على التمويل لأننا ندرك أن بالرغم من حصول الكثير من رائدات الأعمال على تدريب على إدارة الأعمال، إلا انهن لا يحصلن على تدريب مماثل حول كيفية الحصول علي رؤوس الأموال من البنوك؛ وهو ما يتطلب مجموعة من المهارات المختلفة تماماً. ندعم أيضا حصول المرأة علي المزيد من المناصب القيادية في القطاع المالي وهذا هام جدا حيث أن المؤسسات التي تخضع لقيادة نسائية تكون أكثر حساسية و وتفاعلا مع إحتياجات المرأة على أرض الواقع وهو ما يؤدي بدوره إلى تدخلات أكثر ملائمة للمرأة.
من وجهة نظرك، ما هي أهمية المساواة بين الجنسين من أجل تحقيق الإدماج المالي؟
بالإضافة للتأثير المضاعف الذي ذكرته سابقاُ فإن الإدماج المالي يعني إعطاء المرأة هوية مالية داخل النظام المالي مما يسمح لها بالاستفادة من الخدمات المالية وبالتالي تحسين مستواها المعيشي. ويظهر لنا من خلال الأبحاث ودراسات الحالة التي تم رصدها أن المرأة لديها طرق متعددة للانخراط في الخدمات المالية، كما أن لها احتياجات وأولويات مختلفة، ولذلك يعتبر البعد الخاص بالمساواة بين الجنسين محوريا في عملية الإدماج المالي.
ما هي المعوقات الرئيسية أمام تحقيق الإدماج المالي للمرأة وكيف يمكن التغلب عليها؟
إن أكبر المعوقات في رأيي هو غياب الضمانات ووجود القوانين التي تميز بين الجنسين، فالدارج أن المرأة في البلدان النامية لا تتملك الأرض أو أي أصول مادية. ومازالت المرأة تعتبر تحت وصاية الذكر في العائلة (الأب أو الزوج أو الأخ بل وحتى الإبن) مما يحد من حريتها في الحركة وسلطتها في اتخاذ القرارات الخاصة بحياتها..وفي بعض البلدان مازالت المرأة بحاجة لإذن الزوج قبل فتح حساب مصرفي أو السماح لها بالسفر أو عند الخروج من المنزل أو إنشاء عمل تجاري. كيف يمكن للمرأة ان تنشط اقتصاديا في ظل هذه القيود؟
من المعوقات الأخرى هو نقص الوعي والمستوى التعليمي ومعرفة الحقوق الشخصية. ويتحتم علي المرأة أن تكون علي دراية أكبر بالشروط والأحكام المتعلقة بالخدمات المتاحة وحقوقها كمستهلكة ولكنها في أغلب الأحيان ترهب التعامل مع المؤسسات المالية. ومع زيادة التعليم وبناء الوعي يمكن ازالة هذه الحواجز التي تضعها المرأة لنفسها ويمكن للمرأة اتخاذ القرارات المالية بوعي أكبر. إن العملية تبدأ على مستوى الأسرة حيث ينشأ الفرق والتمييز بين الجنسين ومن الصعب التأثير عليها ولكن التغيير يحدث مع الوقت.
ومن خبرتنا، العمل على تشبيك النساء وتكوين مجموعة تتكلم بصوت واحد هو أمر فعال جدا، كما ان تقوية جمعيات سيدات الأعمال والعمل على مجموعة من القضايا الواضحة من أجل الدعوة وكسب التأييد يحدث فرقا كبيرا.
ما هي أهم الدروس المستفادة من واقع خبرتك السابقة كمدير تنفيذي لمنظمة "وجوه جديدة، أصوات جديدة"؟
في عام 2012 شاركت منظمة "وجوه جديدة، أصوات جديدة" كل من مبادرة جعل التمويل يعمل في أفريقيا والتعاون الدولي الألماني GIZ في تطوير موجز للسياسات العامة ضمن برنامج النهوض بالشمول المالي للمرأة الأفريقية. وقد أوضح هذا الموجز التحديات والمعوقات التي تحول دون وصول المرأة للتمويل والخدمات المالية في أنحاء أفريقيا وكان من التوصيات الأساسية بناء الوعي لدى واضعي السياسات وغيرهم من أصحاب المصلحة حول الاحتياجات المالية للمرأة في العديد من قطاعات السوق وضم القيادات النسائية إلى الحوار. وبعد خمس سنوات، لا تزال هذه التوصيات قائمة حيث تعلمنا من التجربة أن إحداث التغيير يتطلب قيادة ذات رؤية وريادة محلية (سواءا كانت عبر أفراد أو مؤسسات) من أجل حشد مساهمات النساء. كما ان البحث القائم علي الأدلة المدعومة بالبيانات في غاية الأهمية، فإن البيانات تظهر للمرأة امكاناتها وتقدم لها الحجة التي تسمح لها بالتأثير علي صناعة القرارات السياسية وتجعل منها شريكا علي قدم المساواة في عملية التنمية.
*ينشر هذا الحوار في إطار الشراكة الإعلامية بين التعاون الدولي الألماني GIZ والبوابة العربية للتمويل الأصغر تحت المنتدى الإقليمي للسياسات حول تعزيز الشمول المالي للمرأة في العالم العربي . قام بتنظيم واستضافة المؤتمر رفيع المستوى كل من البنك المركزي الأردني، وصندوق النقد العربي، والتعاون الدولي الألماني GIZ خلال 22-23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 في منطقة البحر الميت، الأردن وبدعم من الجهات الشريكة التالية: التحالف العالمي للإدماج المالي، والاتحاد الأوروبي، والمجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء (سيجاب)، ومنظمة وجوه جديدة، أصوات جديدة.