مدونة البوابة

الخدمات المالية في ظل الأزمة: الصمود وإعادة الإعمار في غزة والضفة الغربية

تم نشر هذه المدونة في شهر يوليو 2024 عبر موقع CGAP، يُمكن قراءة المحتوى باللغة الإنكليزية هنا.

--

المعاناة الإنسانية في غزة هائلة منذ أكتوبر 2023: إذ يُقدّر أن نسبة 75٪ من سكان القطاع قد تم تهجيرهم، وقد تم تدمير أكثر من 60٪ من البنية التحتية، وأصبحت الحياة اليومية كفاحًا من أجل البقاء. 

في خضم الدمار، يواجه مقدمو الخدمات المالية في الضفة الغربية وغزة تحديات غير مسبوقة في أزمة ديناميكية ومتغيرة باستمرار. التأثيرات على الضفة الغربية ليست مثل تلك التي في غزة، كما أن غزة اليوم تواجه تحديات مختلفة عما كانت عليه في مارس أو يناير من هذا العام. 

يبدو أن دور الأدوات المالية في تقديم الدعم والصمود يتضاءل مع استمرار الصراع. ومع ذلك، نعلم أنه عندما يعود الاستقرار، من المرجح أن تتدفق مساعدات تنموية كبيرة تستمر لسنوات، وسيتم توجيه جزء منها عبر القطاع المالي. إن دعم القطاع المالي في الضفة الغربية وإعادة بنائه في غزة سيكون أساسًا مهمًا للسماح لهذا الاستثمار بالتدفق.  

تحديات تقديم الخدمات المالية في الأزمات الحادة والمتعددة الأبعاد 

بالنسبة لمقدمي الخدمات المالية العاملين في الضفة الغربية وغزة، فإن الاضطرابات التجارية ليست جديدة. في سبتمبر 2023، كان لدى العديد منهم خطط طوارئ مستمدة من الأزمات السابقة – مثل استخدام خدمات USSD عند تعطل خدمات البيانات المحمولة، وأجهزة الصراف الآلي التي تعمل بالطاقة الشمسية عند انقطاع الكهرباء، وإجراءات معدلة للتواصل مع العملاء، بما في ذلك استخدام هذه الزيارات للإحالة إلى منظمات الإغاثة. 

في الضفة الغربية، لا تزال هذه الخطط من الأزمات السابقة تُستخدم اليوم. فقد أجبر التباطؤ الاقتصادي العديد من الشركات على تقليص نشاطها أو إغلاقها نتيجة لقيود الحركة وسحب تصاريح العمل الإسرائيلية للعمال الفلسطينيين (الذين يقدر عددهم بـ 190 ألفًا قبل الأزمة). وقد تعمقت مخاطر الائتمان وسداد الديون مع فقدان الدخل، ومع ذلك تمكنت المؤسسات الرائدة من تفعيل خطط استجابة موجهة نحو إدارة محافظها المالية. 

أما في غزة، فالوضع مختلف تمامًا عن الأزمات السابقة. في البداية، تمكنت بعض المؤسسات المالية العاملة في غزة من إبقاء الأنظمة تعمل من الضفة الغربية. حتى في وقت كان العديد من موظفيها في عداد المفقودين ومن المحال الوصول للعملاء، قامت مؤسسات مثل بنك فلسطين وبنك القدس بتنظيم عمليات عالية المخاطر لنقل ملايين الدولارات نقدًا من فروع شبه مدمرة في الشمال إلى جنوب غزة، حيث تركز الطلب. 

في المراحل الأولى من الصراع، بدت الخدمات المالية كأداة محدودة للصمود: 

- الادخار ساعد في حماية الأصول المالية. على الرغم من أن عددًا قليلاً من الفلسطينيين كان لديهم حسابات قبل الأزمة (حوالي 34٪ من البالغين و26٪ من النساء في الضفة الغربية وغزة)، فقد تم استخدام هذه الحسابات بنشاط. في الشهر الأول من الحرب، تم إيداع حوالي 20 مليون دولار أمريكي في فروع البنوك، حيث فضل الأفراد الوثوق بالبنوك بدلاً من المخاطرة بفقدان الأموال النقدية المحتفظ بها في المنازل بسبب تدمير ممتلكاتهم. 

- التحويلات النقدية حافظت على الصلة بالعالم الخارجي. في حين توقف مشغلو تحويل الأموال الدوليين مثل "ويسترن يونيون" و"موني غرام" منذ وقت مبكر في الصراع، واصل وكلاء الصرافة تقديم خدمات التحويلات النقدية، معتمدين جزئيًا على شبكات الاتصالات المصرية والترتيبات غير الرسمية، مما يعكس نتائج مماثلة في الأيام الأولى من الأزمة في السودان

- استمرار بعض التحويلات النقدية في الوصول إلى المستفيدين، رغم قلة نقاط الوصول. كان لدى بنك فلسطين ومقدم خدمة المحفظة الإلكترونية التابعة له أكبر الشبكات في غزة قبل الصراع واستمروا في العمل، مما مكن العملاء من استخدام الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والمحفظة والخدمات المباشرة عندما كانت الكهرباء متاحة. حتى بعد اندلاع الأزمة، تمكن الوكلاء من تسهيل تحويل 47 مليون دولار أمريكي كمساعدات إنسانية لـ 1.2 مليون شخص، رغم أن 10-20٪ فقط من الوكلاء استمروا في العمل. 

ومع استمرار الصراع، أصبحت نقاط الأمل أقل، مما يظهر حدود الأدوات المالية في تقديم الصمود. المؤسسات المالية الكبرى مثل "فيتاس" و"فاتن" اعتبرت محفظة غزة خسارة. وقد حل محل الاقتصاد السابق اقتصاد حرب مقلوب. كما انخفضت أحجام التحويلات النقدية، مع التركيز الآن على تلبية الاحتياجات الفورية للطعام والمأوى، إذا كان ذلك ممكنًا على الإطلاق.

هذه المدونة تفتقر إلى خاتمة 

تفتقر هذه المدونة إلى خاتمة لأننا لا نعرف بعد إلى أين ستؤول الأمور. الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب بشكل فعّال – والسلام شرط أساسي لتصور مستقبل للقطاع المالي. 

بالنظر إلى المستقبل، من الواضح أن للخدمات المالية دورًا تلعبه في دعم الحاجة الفورية إلى المساعدات النقدية عندما يوجد اقتصاد حي. في دعم خروج الفقراء من الفقر عندما يتوفر الاستقرار الكافي لتمكين سبل العيش. وفي دعم تنمية الشركات الصغيرة عندما يتوفر الأمل مرة أخرى لاستغلال تلك الفرص. 

سيكون إعادة بناء قطاع مالي قوي وشامل في الضفة الغربية وغزة أمرًا ضروريًا لتمكين تلك الاستثمارات. لكن العمل المقبل سيكون ضخمًا، وسيكون من الضروري أن تركز وتنسق الجهود المجتمعية التنموية. 

لكي يحدث ذلك، يمكن للممولين التعلم من تجارب إعادة بناء القطاع المالي في دول ما بعد الصراع الأخرى. ثلاثة دروس بارزة من عمل CGAP في التمويل الشامل في البلدان الهشة: 

1. تجنب تكرار الجهود من خلال تنسيق الاستثمارات عبر منصات استراتيجية (مثل 3RF في لبنان و I3RF في العراق) 

2. دعم تعافي المؤسسات المالية بدلاً من البدء من جديد، لمساعدة القطاع الخاص على التعافي بسرعة وكفاءة أكبر 

3. الاستثمار في بناء مؤسسات دعم محلية قوية (مثل MISFA في أفغانستان) ذات قدرة على دفع دعم السوق المستدام والتنسيق في المستقبل. 

اترك تعليق

يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.