هل تؤدي محفّزات الإدخار إلى الإقتراض؟ أدلّة من دراسة كبيرة
يتم حاليًا تطبيق عدد كبير من السياسات الرامية إلى زيادة الإدخار ويشتمل العديد منها على المحفّزات. تستند هذه السياسات إلى إفتراض مفاده أن الادخار يتم تمويله من خلال خفض الإستهلاك. ولكن عندما يقيّم صنّاع السياسات أو الباحثون هذه التدخّلات، فإنهم يركّزون بشكل عام على نتائج الإدخار المباشرة من دون النظر إلى مصدر الأموال، على الرغم من أنّ عددًا ملحوظًا من الأسر يحتفظون بمدخرات سائلة بينما يتكبدون في الوقت نفسه ديون بطاقات الإئتمان (أو ما يسمى بلغز ديون بطاقات الإئتمان).
نعمل في ورقة عمل حديثة على تحديد ما إذا كانت محفّزات الإدخار تؤدي إلى زيادة الديون المترتبة من خلال بطاقة الإئتمان، ونستخدم بيانات تجربة ميدانية واسعة النطاق مقترنة ببيانات شاملة ودقيقة عن الحسابات المصرفية الفردية وبطاقات الإئتمان، مستمدة من بنك في المكسيك، بانورت، أجرى اختبارًا عشوائيًا مع 3,054,438 ألف عميل، من خلال إرسال رسائل أسبوعية أو كل أسبوعين إلى 2,679,545 عميل منهم إما على أجهزة الصراف الآلي الأسبوعية أو على شكل رسائل نصية تشجعهم على الإدخار، وذلك لمدة 7 أسابيع خلال خريف عام 2019، ومن دون إرسال أي رسالة إلى العملاء الـ 374,893 المتبقين.
ولقد ركّزنا بشكل خاص على إقتراض الأفراد الذين من المتوقّع أن يتأثروا بالمحفّزات، حيث إنهم قد يواجهون أكثر من غيرهم العواقب المحتملة وغير المقصودة للمحفّزات التي تحثّ على الإدخار. ولتحديد هذه العواقب، نقوم بتنبؤ آثار المداخلة على المستوى الفردي من خلال إستخدام منهجية الغابة السببية التي تسمح لنا بتجنب المشاكل الخاصة بمجموعة محددة من البيانات والتي نجدها حتمًا إذا بحثنا يدويًا عن الفئات الفرعية التي تظهر مجموعة كبيرة من تأثيرات المداخلة. من شأن البحث اليدوي أن يعزو بشكل مضلّل مجموعات كبيرة من تأثيرات المداخلة إلى الفئات الفرعية التي بيّنت عن مدخرات كبيرة غير معتادة بسبب صدمات فردية خاصة قد تؤثر على نتائج الإقتراض أيضًا. وبالعكس، تستند منهجية الغابة السببية إلى فصل العينات بشكل متكرر، حيث يتم إستخدام عينة واحدة لتقسيم خصائص المشاركين في الإختبار قبل المداخلة، بينما يتم إستخدام عينة أخرى لتقدير تأثيرات المداخلة المقابلة. وهذا يلغي إمكانية تنبؤ مجموعة كبيرة من تأثيرات المداخلة من خلال الخصائص ما قبل المداخلة بسبب الصدمات الفردية الخاصة التي تؤثر أيضًا على نتائج أخرى، بما فيها قرارات الإقتراض.
وفي الرسم التوضيحي 1، وزّع الأفراد على أرباع تأثيرات المداخلة المتوقعة الناتجة عن منهجية الغابة السببية ونحتسب تأثيرات المداخلة الفعلية لكل مجموعة. تعمل هذه المنهجية على تحديد مجموعتين من الأفراد: مجموعة أولى كبيرة لم تتأثر أبدًا بالمداخلة (الربع 1 إلى 3 من أرباع تأثيرات المداخلة المتوقعة) ومجموعة ثانية أصغر تأثّرت بشكل إيجابي وملحوظ (الربع العلوي من تأثيرات المداخلة المتوقعة).
الرسم التوضيحي 1. تأثير المداخلة على أرصدة الحسابات الجارية، كدالة لتأثيرات المداخلة المتوقعة على المستوى الفردي
ملاحظات: يتم توزيع الأفراد على أرباع تأثيرات المداخلة المتوقعة على المدخرات، إستنادًا إلى الدرجة التي تولدها الغابة السببية.
ثم نركّز على الأفراد في الربع العلوي من تأثيرات المداخلة المتوقعة وننظر إلى إستجابة الأفراد الذين يحملون بطاقة إئتمان من حيث الإدخار والإقتراض. نجد زيادة بنسبة 6.1% في المدخرات انطلاقًا من مبلغ 31,702 بيزو مكسيكي (3,392 دولار أميركي) في مجموعة الدراسة (1 بيزو مكسيكي = 0.107 دولار أمريكي بناء على تعادل القوة الشرائية)، أي زيادة بقدر 1,948 بيزو مكسيكي (208 دولار أميركي). وكما هو موضح في الرسم التوضيحي 2، نستبعد أن هذه الزيادة في المدخرات تعكسها زيادة في الديون، حيث نجد تأثيرًا غير مهم على الإقتراض من خلال بطاقات الإئتمان. ويظهر الرسم التوضيحي 2 أيضًا نمطًا مماثلاً للأفراد الذين يحملون بطاقات إئتمان ودفعوا الفوائد المترتّبة عليها عند خط الأساس أو الذين يحملون بطاقة ائتمان ذات حد إئتماني كبير.
الرسم التوضيحي 2. آثار المداخلة على أرصدة الحسابات الجارية وأرصدة بطاقات الإئتمان والفوائد على بطاقات الإئتمان لدى الأفراد في الربع العلوي من تأثيرات المداخلة المتوقعة على المدخرات، وفقا للغابة السببية
ملاحظات: تأخذ الأشرطة الزرقاء في الحسبان جميع الأفراد الذين يحملون بطاقة إئتمان، وتأخذ الأشرطة الرمادية في الحسبان الأفراد الذين يحملون بطاقات إئتمان ودفعوا الفوائد المرتبطة بها عند خط الأساس، وتأخذ الأشرطة السوداء في الحسبان الأفراد الذين يحملون بطاقات إئتمان ويحرصون على إستخدامها عند مستوى أدنى من المتوسط. وتم تبيان الأخطاء القياسية بين الأقواس. تشير النجمات * و** و*** إلى مستوى الأهمية في المستويات 10 و5 و1%.
وبعد ذلك، نقوم بتوثيق إستنتاجين آخرين. أولاً، ينخفض الإنفاق، بحسب السحوبات من أجهزة الصراف الآلي والإنفاق باستخدام بطاقات الخصم وبطاقات الإئتمان، إستجابة إلى المحفّزات التي تحثّ على الإدخار. ثانيًا، الأفراد الذين يتكبدون ديون بطاقات الإئتمان عند خط الأساس لا يستخدمون مدخراتهم الجديدة لسداد الديون القائمة. وتشير النتائج الأخيرة ضمنًا إلى أن محفّزات الإدخار أدّت إلى زيادة المدخرات بفائدة منخفضة والديون بفائدة مرتفعة بشكل متزامن. وفي العينة، بلغ متوسط سعر الفائدة على بطاقة الائتمان 35.2% وتدفع الحسابات الجارية فائدة بنسبة 0%. وعلى الرغم من الاختلافات الكبيرة في المعدلات، فإن 13.5% من الأفراد الذين يدفعون فوائد بطاقات الائتمان يحافظون على أرصدة أعلى بنسبة 50% من دخولهم في حساباتهم الجارية (الحد الأدنى للرصيد المرصود على مدى الأشهر الستة السابقة للمداخلة). إلى ذلك، إن حوالي 50% من الأفراد في هذه المجموعة يندرجون أيضًا في الربع العلوي من تأثيرات المداخلة المتوقعة من المحفّزات.
وبالتالي فإننا نسأل أنفسنا ما إذا كانت النتائج الرئيسية التي توصلنا إليها والتي تفيد أن محفّزات الإدخار تؤدي إلى خفض الإستهلاك وليس زيادة الإقتراض، تشرح التفسيرات الرئيسية للغز تحقيق المدخرات بفائدة منخفضة وتكبّد الديون بفائدة مرتفعة في الوقت نفسه. ونحن نزعم أنّ متغيرات النماذج القائمة على المحاسبة الذهنية قد تتوقع تأثيرًا منعدمًا على الديون من أي زيادة خارجية في المدخرات. ومن خلال الإبقاء على المدخرات في حساب ذهني منفصل، يشطب الأفراد ذهنيًا قدرًا معينًا من المال (المسمى بالمدخرات) من مشكلة الإستهلاك والإقتراض. وبالتالي، يقوم الأفراد بتخفيض حجم الإستهلاك بدلاً من زيادة نسبة الإقتراض عندما يخصّصون الموارد المتبقية لهم. وفي المقابل، لا بدّ، في النماذج التي لا تقوم على المحاسبة الذهنية، من احتساب الأموال المتاحة في المستقبل والمخصّصة للمدخرات (عن طريق محفزات الادخار) في مشكلة الإستهلاك والإقتراض. وفي هذه الحالة، لم يتغير مجموع الموارد المتاحة للإستهلاك. وبالتالي، يقترض الأفراد مقابل موارد مستقبلية، ولا يتغيّر مستوى إستهلاكهم.
باختصار، نجد أنّ وبالنسبة لبعض الأفراد، فقد يكون هذا ثاني أفضل حلّ، لأنهم قد يستفيدون أكثر عندما يسدّدون الدين الحالي. ونزعم أن السبب وراء هذا هو أن الناس يتخذون قرارات الإدخار والإقتراض في حسابات ذهنية منفصلة.