تأمين المستقبل: عمل النساء على المنصات والخدمات المالية المتاحة لهن
تفيد النساء العاملات على المنصات في مختلف القطاعات والأسواق أنّ المنصات على شبكة الإنترنت زادت من الفرص المُدرة للدخل، على الرغم من استمرار التحدّيات المرتبطة بإيجاد التوزان بين الحياة العملية والعائلية، والسلامة والفوائد المالية طويلة الأجل. ومن شأن الخدمات المالية المصمّمة خصيصًا للنساء العاملات على المنصات أن تساعدهن على التخفيف من بعض سلبيات هذا المصدر المتزايد لكسب العيش واغتنام الفرص الجديدة لضمان مستوى أكبر من الأمن لأنفسهن ولأسرهن على المدى البعيد.
وفي إطار البحوث التي أجرتها مجموعة سيجاب بشأن العاملين على المنصات في خمسة بلدان، تشاورنا مع تقريبًا 100 امرأة في قطاعات شملت خدمات توصيل الركاب إلى الخدمات الشخصية/المنزلية إلى العمل المستقل عبر الشبكة الإلكترونية. وأفاد هؤلاء النساء عن العديد من التحسينات في سبل عيشهم منذ بداية العمل على المنصة. على سبيل المثال، أفادت 63% من النساء (مقابل 52% من الرجال) عن زيادات في دخل الوظيفة على المنصات. وساعد الدخل المكتسب عبر العمل على المنصة أيضًا 59% من النساء على تلبية التكاليف اليومية بشكل أفضل وساعد حوالي نصف النساء على التعامل مع التحدّيات المالية التي فرضتها جائحة كوفيد-19. إلى ذلك، سمحت بعض جوانب العمل عبر الشبكة للنساء بالتحايل على الحواجز الاجتماعية والتقليدية التي تعترض سبيل العمل، إما من خلال عدم الكشف عن هويتهن أو من خلال الهالة الشرعية التي يمنحها التطبيق والزي الرسمي.
تسمح مرونة العمل على المنصة للنساء باعتماد العمل كمسار وظيفي لتحسين فرص توليد الدخل
أفادت النساء أن وضعهن الاقتصادي تحسّن على الرغم من عملن على المنصة بدوام جزئي فقط. وفي الوقت نفسه، أفادت النساء أكثر من الرجال عن رغبتهن في مواصلة العمل على المنصة كمسار وظيفي لهن، وأفاد عدد أقل عن بحثهن عن عمل آخر. في الواقع، الكثير من النساء اللاتي يحاولن إيجاد توازن بين العمل المدفوع الأجر وأشغال المنزل ينظرن إلى العمل بدوام جزئي على المنصة كوسيلة طويلة الأجل من وسائل كسب العيش. وقالت عاملة تنظيف منزلي منصة في إندونيسيا: "أفتح التطبيق وابدأ بالعمل، يا للروعة. كربة منزل، أستطيع الآن أن أكسب عيشي بنفسي من دون أن أطلب المال من زوجي".
إذا أخبرت عائلتي عن عملي من دون ذكر التطبيق، سيعترضون. ولكن لدي زي وحقيبة ويمكنهم متابعة سير عملي. فالشفافية لازمة.
لا يزال عمل النساء على المنصات يتركّز في "القطاعات النسائية" ولا يزلن يواجهن الكثير من التحدّيات المرتبطة بالعمل خارج المنصات
وعلى الرغم من هذه النتائج الإيجابية، فالعديد من التحدّيات التي تواجهها النساء في العالم غير الرقمي لا تزال قائمة على منصات العمل، ولا يزال النساء يتركزن في قطاعات "عمل النساء" لأن المنصات لا تؤثر تأثيرا كبيرًا على العوامل المعيارية والهيكلية التي توجّه النساء إلى مهن معينة. كما أن التوازن بين الحياة المهنية والحياة العائلية لا يزال يشكل تحديًا، حيث أفاد ثلث النساء تقريبًا اللاتي تحدثنا معهن عن شعورهن بضغوطات لتمضية وقت أقل في العمل على المنصة حتى يتسنى لهن الاهتمام بمسؤوليات الأسرة ورعايتها.
وفي حين شعرت النساء اللاتي تحدثت معهن أن العمل عبر الإنترنت أكثر أمانًا من العمل في المواقع، فقد وافقت نحو 40% من النساء اللاتي شاركن في الاستبيان مع العبارتين "المنصات لا تحميني" و"بيئة العمل غير آمنة" (في مقابل 30% من المشاركين الذكور في الدراسة). ولكن الفارق الأكبر ــ 45% من النساء في مقابل 32% من الرجال ــ كان في نسبة الأشخاص الذين وافقوا مع العبارة "العمل يتطلّب جهودًا ذهنية وجسدية أكثر مما ينبغي".
تحرص النساء على ضمان وضع اقتصادي آمن من خلال تحويل الدخل المتزايد من المنصّات ولكنهن يحتجن إلى أدوات مالية إضافية
كما لم نلاحظ صلة بين الزيادة في الدخل التي تبلغ عنها النساء وقدرتهن على تحويل ذلك الدخل إلى أمن اقتصادي. على سبيل المثال، في حين أن النساء أكثر بنسبة 20% من الرجال قالوا إن دخلهن من كل وظيفة ازداد منذ بدء العمل على المنصة، فإن المزيد من الرجال قالوا إن المنصات سهّلت استيفاء النفقات اليومية. كذلك، أفاد 50% أكثر من الرجال مقارنة بالنساء أن العمل على المنصة سهّل تحديد الأهداف المالية وتحقيقها، في حين أفاد عدد أكبر من النساء أنهن يدخرن بدرجة أقل أو بدرجة مساوية لمستوى ادخارهن قبل أن يبدأن العمل على المنصات.
ولكن، أشارت أبحاثنا إلى أن العاملات على المنصات يسعين بكل جهد إلى تحويل دخلهن من عملهن على المنصات إلى مكاسب اقتصادية طويلة الأجل. ومقارنة بالرجال، أعرب عدد أكبر من النساء عن اهتمامهن بتحويل عملهن على المنصة إلى وظيفة آمنة طويلة الأجل لأسرهن، وأبلغ ضعف عدد النساء أنهن حصلن على منتجات التأمين منذ أن بدأنا العمل على المنصات، وأفادت النساء بنسبة 50% أكثر تقريبًا من الرجال عن رغبتهن في الحصول على التأمين على الحياة إذا تم عرضه من خلال العمل على المنصات. كما كان نمو دخل النساء على المنصات مقيدًا بشكل غير متناسب أيضًا بسبب غياب رأس المال الذي يسمح لهن بتوسيع عملهن. وهذا يشير إلى بعض حالات الاستخدام الواضحة للخدمات المالية، بما في ذلك خدمات التأمين والمدخرات والقروض طويلة الأجل. كما أعربت النساء عن رغبتهن في الحصول على مساعدة في التخطيط المالي لمساعدتهن على الاستفادة إلى أقصى حدّ من هذه العروض.
بعد بدء العمل على المنصة، لا يمكن الخروج عن الشبكة… فالحضور إلزامي إذا نصّ العقد على ساعات عمل محدّدة، لأن العمل على المنصة يشبه أي وظيفة أخرى... ولكن سأحاول العمل بدوام مرن إذا أمكن ذلك، ربما للاستراحة قليلاً.
ولكن على الرغم من أهمية العناصر، لا يكفي توفير المنتجات والتخطيط لسد الفجوة بين النساء اللاتي يزدن دخلهن واللاتي يستخدمن دخلهن لتحقيق الأهداف الاقتصادية. وغالبًا ما تعود هذه الفجوة إلى الأعراف والتقاليد على مستوى نوع الجنس والتي تمنع النساء من كسب المال والاستفادة من الأرباح، والتي تتجلى غالبًا في الديناميكيات داخل الأسرة لجهة من يسيطر على المال ومن يتولّى المسؤوليات المالية المحددة اجتماعيًا.
لتمكين العاملات على المنصات من تحقيق أهدافهن الاقتصادية، يجب تزويدهن بحزمات من الخدمات المالية تلبي احتياجاتهن اليومية
هذا لا يعني أن السياق الاجتماعي للمرأة هو دائمًا سلبي، حيث وجدت أبحاثنا أن الشبكات النسائية كانت أيضًا من الممكنات الرئيسية لنجاحهن على المنصات. أي عرض لمنتج أو خدمة يهدف إلى تحويل الأعراف القائمة على نوع الجنس لا بد أن يراعي السياقات الاجتماعية المتنوعة التي تعمل فيها المرأة. تؤدي هذه المعطيات وغيرها من البحوث إلى ست توصيات محددة لتطوير الخدمات المالية للنساء العاملات على المنصات، وتتوفّر مع الاستنتاجات الكاملة:
- تخصيص المنتجات والخدمات المالية لمساعدة النساء على الاستفادة إلى أقصى حد من مزايا العمل على المنصة على المدى الطويل.
- الانتباه إلى الالتزامات الأسرية للمرأة.
- جمع المنتجات المالية مع الخدمات غير المالية لتعزيز فعاليتها.
- الاستفادة من الشبكات النسائية.
- تخصيص عروض الخدمات المالية لتناسب احتياجات فئات فرعية محددة.
- توفير مرونة العمل وخدمات التصميم للحد من المخاطر.
إلى أي مدى تتوافق عروض الخدمات المالية الحالية التي تتم من خلال المنصات والمقدّمة للنساء مع انعكاسات هذا البحث؟
في الحقيقة، لم نتمكن من الحصول على الكثير من الأمثلة على الخدمات التي تستهدف النساء العاملات على المنصات في جولتنا الأولى من البحوث في جانب العرض، ولهذا السبب نقوم بجولة ثانية من البحوث مع شركاء من الخبراء، ليس لاستكشاف سبل تقديم الخدمات المالية للنساء فحسب، بل أيضًا الطرق المختلفة التي يسمح بها التحوّل إلى (شبه) العمل على المنصات (الانتشار المتزايد لشبه المنصات ومنصات تجميع العمالة ومزودي المزايا وغيرهم) بتغيير طريقة حصول العاملين على هذه الخدمات في القطاعات التي تسيطر عليها النساء. ويهدف هذا الجهد إلى تناول فجوتين رئيسيتين نلاحظهما على مستوى المعرفة.
أولاً، نحتاج إلى فهم بشكل أعمق القطاعات المحددة في اقتصاد المنصة حيث تتركز النساء من أجل تحديد نقاط الدخول لتصميم الخدمات المالية التي تتيح فرصًا اقتصادية أكبر. وتشمل الأمثلة على ذلك النساء اللاتي يبعن منتجات من المنزل عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي أو النساء اللاتي يقدّمن المساعدة المنزلية من خلال أنظمة تجميع العمالة. ثانيًا، يجب تحويل هذا الفهم المكتسب إلى تصميم حقيقي للخدمات المالية يركّز على النساء عبر منظومة المنصات لترسيخ العروض في حياة النساء.
هذه المقالة هي جزء من الجهود الأوسع لمجموعة سيغاب التي تسعى إلى العمل مع المنصات ومزودي الخدمات المالية لتجريب حلول جديدة مالية لهذه الفئة الصغيرة ولكن المتنامية بسرعة من الاقتصاد لتحويل فرص كسب العيش في المجتمعات ذات الدخل المنخفض. يرجى زيارة الموقع www.cgap.org/platform-workers للحصول على مزيد من المعلومات والاطلاع على البحث وملف القراءة للتعمّق في الأفكار المطروحة.