عاجل: خطة إنقاذ لقطاع التمويل الأصغر
استنادا إلى التجارب التاريخية، فإن قطاع التمويل الأصغر سوف يواجه قريبا محنة شديدة. ونظرا للظروف المحيطة بالأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا وعمق الآثار الاقتصادية السلبية في جميع أنحاء العالم، غالبا لن تتمكن المنظمات المحلية والدولية من تقديم الدعم الكامل الذي يحتاجه هذا القطاع ويحتاجه الأشخاص الذين يقوم هذا القطاع بخدمتهم من ذوي الدخل المنخفض والبالغ عددهم 140 مليون شخص. ولذلك، على قادة الصناعة أن يجتمعوا بشكل عاجل من أجل تنظيم جهود الإنقاذ التي يجب أن تركّز على المبادئ الرئيسية التالية:
1. الخطوة الأولى تتمثل في تجميد أو تعليق سداد أصل الدين. يجب على قادة الصناعة مثل صناديق استثمار التمويل الأصغر (MIVs) ومؤسسات تمويل التنمية (DFIs) والشبكات الكبرى للتمويل الأصغر القيام بهذه الجهود. ويجب عليهم تجميد أو تعليق الدفعات المستحقة على أصل الدين وفوائده لمدة 90 يوما، تكون قابلة للتمديد لثلاث فترات كل منها 30 يوما، حتى يمكن للصناعة تنظيم وتأسيس برنامج للإنقاذ الذاتي. وبالإضافة إلى ذلك، يجب إيجاد أموال جديدة لتوفير السيولة لمؤسسات التمويل الأصغر، وقد يتم ذلك من خلال صناديق طوارئ السيولة على المستوى الإقليمي.
2. يجب أن تكون الردود سريعة و ذكية. إن تجربة الأزمات تعلمنا أن الأساليب الأولية لحلّ الأزمة لا تنجح دائما أو ليست دائما هي الأفضل. ولذلك، يجب أن تكون الردود مرنة وقابلة للتعديل بمرور الوقت. وعلى سبيل المثال، نقترح أن تعديل الدين الذي يتم التفاوض عليه أو قيام مؤسسات التمويل الأصغر بعمل تسويات للديون، يجب أن يتم خلال فترة زمنية محددة هي 90 يوما تكون قابلة للتمديد لمدة 30 يوما للجوء إلى التحكيم في حالة عدم اتفاق الأطراف على التسوية. إن التسويات الأولية عادة ما تتم بالتركيز على إعادة الجدولة أو إعادة الهيكلة مع اهتمام قليل بإعادة الهيكلة الكاملة. ومع استمرار الأزمة ، يجب أن يتم إعادة النظر في التسويات أو إعادة التفاوض بشأنها أكثر من مرة. والأمر المهم هو الاتفاق على التسويات الأولية بسرعة، وإدراك الحاجة إلى تكرار المحاولة في المستقبل.
3. قيادة قوية من القمة إلى القاعدة وقدرات مؤسسية قوية. إن المؤسسات القائمة نادرا ما يكون لديها القدرة الكافية أثناء الأزمة لمواجهة جميع التحديات التي تنشأ. ويجب على قطاع التمويل الأصغر إنشاء مؤسسات جديدة من أجل إنجاح خطة الإنقاذ. ونوصي بإنشاء أمانة تنسيق بقيادة المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء (سيجاب) من أجل العمل مع لجنة توجيهية (سيتم مناقشتها ادناه)، وكذلك من أجل التواصل مع مؤسسات متعددة داخل القطاع مثل صناديق استثمار التمويل الأصغر (MIVs) ومؤسسات التمويل الأصغر الساعية للحصول على الدعم أو التي تتلقى دعما. وحقيقة الأمر، أن سيجاب سوف تقوم بدور مركز اتصالات للقطاع أثناء القيام بهذه الجهود للإنقاذ، وكذلك صياغة المبادئ والإرشادات الرئيسية لتسهيل وتسريع مداولات الترجيح مثل: هل هناك تفضيل لجهة إقراضية بعينها ؟ وكيف سيتم حماية الأموال الجديدة ؟ وما هي الشروط المعقولة ؟
- اللجنة التوجيهية: يجب أن يتم تكوين هذه اللجنة من كبار الممثلين لصناديق استثمار التمويل الأصغر مؤسسات تمويل التنمية شبكات التمويل الأصغر، وذلك بالتنسيق الوثيق مع المشرفين المصرفيين في حالة مشاركة بنوك التمويل الأصغر والمؤسسات الأخرى التي تتلقى الودائع. وتقوم اللجنة التوجيهية باعتماد المبادئ الإرشادات. وبما أنه سوف يتم تقديم جزء كبير من ميزانيات مؤسسات التمويل الأصغر، فسوف تقوم اللجنة أيضا باعتماد الاتفاقات الخاصة بدعم السيولة وإعادة الهيكلة التي تقوم بها المؤسسات، وإدخال الدعم الذي تقدمه الأطراف الفاعلة الأخرى مثل الجهات التنظيمية ووكالات التصنيف والجهات المانحة.
- مجموعة الأزمة على مستولى كل مؤسسة تمويل أصغر ويرأسها أحد كبار المديرين وتكون مسؤولة عن إعداد التقارير والقيام بالتدابير المالية والتشغيلية التي تم الاتفاق عليها مع اللجنة التوجيهية.
4. يجب إنشاء صناديق طوارئ السيولة على المستوى الإقليمي، وذلك للبدء في ضخ السيولة داخل القطاع واستبعاد الديون المعدومة من ميزانيات مؤسسات التمويل الأصغر. وقد نجحت هذه الطريقة بشكل جيد أثناء أزمة عام 2008 عندما قامت العديد من مؤسسات تمويل التنمية المؤسسات الأخرى، بتمويل صندوق طوارئ السيولة الخاص بأمريكا اللاتينية (ELF). وقد قام هذا الصندوق بتقديم قروض قصيرة الأجل لمؤسسات التمويل الأصغر التي كانت في محنة. كما تم إنشاء صندوق مشابه في دولة هايتي بعد زلزال عام 2010 ، وقام الصندوق بإزالة الديون المعدومة من دفاتر مؤسسات التمويل الأصغر، وقام أيضا بتوفير قروض للمؤسسات من أجل إقراضها لعملائها.
5. يجب توافر معلومات موثوق بها من أجل تشكيل الردّ المناسب. يجب على القادة أثناء الأزمة أن يقوموا باتخاذ القرارات بشكل متكرر، إلا أنهم غالبا ما يفتقرون إلى مصادر للمعلومات الموثوق بها. إن أهم الأمور لاتخاذ قرارات مستنيرة هي الشفافية وتبادل المعلومات. ويجب على قادة هذا القطاع أن يبدأوا في جمع وتبادل المعلومات الخاصة بمؤسسات التمويل الأصغر مثل البيانات المالية والتشغيلية المتعارف عليها، والتي تركّز على القروض المتعثرة (NPLs) والديون المشطوبة وسحب الودائع. كما يجب على منظمة ميكس أن تقوم بتغيير غرض مهمتها لتقديم تقارير عن مؤسسات التمويل الأصغر بشكل شهري من أجل دعم اتخاذ القرارات المبنية على الحقائق.
6. يجب أن تركّز جهود إنقاذ مؤسسات التمويل الأصغر على تقليل خسائر الخدمات المقدمة للعملاء. نظرا للعدد الكبير من مؤسسات التمويل الأصغر التي من الممكن أن تكون في محنة، سوف يكون من الضروري تقسيم هذه المؤسسات لمعرفة ما تم دعمها وما لم يتم وكذلك يجب تحديد الأولويات. وبما أنه لا يمكن إنقاذ كل مؤسسات التمويل الأصغر، فيجب تحديد مؤسسات التمويل الأصغر التي سيتم منحها الأولوية القصوى. هل ستكون هذه المؤسسات هي التي تتعامل معها صناديق استثمار التمويل الأصغر ومؤسسات تمويل التنمية بشكل أكبر؟ أم ستكون هي المؤسسات التي لديها أكبر انتشار من حيث عدد العملاء ؟ أو هل هي بنوك التمويل الأصغر الخاضعة للوائح التنظيمية والتي تتلقى الودائع ويجب حماية الودائع ومنع الجهات التنظيمية من التدخل للسيطرة على المؤسسة ؟ أو هل ستكون هي المؤسسات الصغرى أو الريفية أو التي تركّز على المرأة التي تصل للعملاء المستبعدين إلا أنها تحتاج إلى تمويل كبير من المنح لكي تستمر في العمل ؟
إن المستثمرين و الممولين المختلفين سوف يقومون بالتركيز بشكل مختلف، إلا أن كل حالة تحتاج إلى تجميع دعم هائل إذا أردنا إنجاح عمليات الإنقاذ. وكحدّ أدنى، يجب تقسيم هذا النهج إلى ما يلي:
- مؤسسات تمويل أصغر "كبيرة جدا على الفشل": إذا كان هناك إحدى المؤسسات الكبرى التي لديها مئات الآلاف من العملاء أو ما يزيد عن المليون عميل وقاعدة كبيرة من الودائع المجمّعة ، وتعرضت هذه المؤسسة لمحنة؛ فيجب على قادة الصناعة القيام بترتيبات لعمل تسويات بقيادة الدائنين والمستثمرين الرئيسيين. ويجب استشارة المشرف المصرفي في وقت مبكر من العملية، من أجل التأكد من عدم التدخل والسيطرة على مؤسسة التمويل الأصغر.
- مؤسسات التمويل الأصغر الكبيرة والمتوسطة الحجم: يجب مساعدة العديد من مؤسسات التمويل الأصغر القادرة على الاستمرار، عن طريق عملية موحدة ومحددة الوقت للتسويات المتعلقة بالخروج من الأزمة. ويجب أن يقوم الدائنون الرئيسيون بتشكيل لجنة تسويات للخروج من الأزمة، بحيث تكون ملتزمة باستكمال التسويات خلال 90 يوما مع إمكانية التمديد لمدة 30 يوما في حالة عدم التوصل إلى اتفاق ، ثم تقوم لجنة التحكيم بتسوية أي مشاكل معلقة. ويمكن عمل ترتيبات لجولة ثانية أو جولة ثالثة من التسويات لبعض المؤسسات في المستقبل عندما تنتهي الأزمة الراهنة.
- مؤسسات تمويل أصغر "الأثر أولا": يجب إعطاء بعض الأولوية لمؤسسات التمويل الأصغر التي تعمل مع الفئات الفقيرة جدا والفئات التي يصعب الوصول إليها مثل مزارعي الكفاف. ويمكن الأخذ في الاعتبار صناديق طوارئ السيولة التي تهتم بمؤسسات التمويل الأصغر التي تخدم سكان المناطق الريفية. ويجب علينا التأكد من عدم استبعاد مؤسسات التمويل الأصغر التي قد تلبي حاجة العملاء المستضعفين بشكل فعّال، والتي يشكّل اختفاؤها مشكلة حقيقية ، حتى لو كانت تعتمد على المنح و غير قادرة على الاستمرار بالمعنى التجاري.
7. يجب أن يكون لدى الدائنين والمستثمرين مزيج متنوع من الأدوات المالية، حيث أنهم يعملون مع مؤسسات التمويل الأصغر من أجل تنفيذ خطة إنقاذ. ويجب أن يشمل ذلك ما يلي:
- إعادة جدولة الديون متوسطة الأجل
- فترات سماح تكون كافية لتخفيف الأزمة الطبية
- إعادة هيكلة الديون حسب الضرورة باستخدام أدوات متنوعة مثل:
- الديون الثانوية
- مقايضة الديون برأس المال
- رأس مال جديد و رأس مال عامل جديد. فقد أظهرت التجارب أنه من الصعب الحصول على الأموال الجديدة أثناء الأزمات ، إلا أنها تكون بالغة الأهمية للقيام بحلّ سليم
8. يجب حماية العملاء طوال هذه الفترة. يجب على مؤسسات التمويل الأصغر أن تكون مستعدة لتمديد فترات السداد لعملائها، بقدر تلقيها للموارد الجديدة وإعادة جدولة الديون حصولها على رأس مال جديد. وقد يتم النظر أيضا في تعليق سداد العميل مع المؤسسات الكبرى للتمويل الاصغر والخاضعة للوائح التنظيمية ، إلا أن ذلك سيكون صعب تنظيمه وتنسيقه. وسوف يحدث تعثر في سداد القروض، وسوف تحتاج المؤسسات إلى مراعاة الظروف المحيطة بالتعثر في السداد. ويجب منح العملاء كل الفرص لاستعادة وضعهم الاقتصادي وسداد القروض في وقت لاحق. ويجب عند عمل التسويات أن يتم شطب بعض المبالغ من دفاتر المؤسسة كديون معدومة. وقد يتحوّل سحب الودائع ليمثل مشكلة كبيرة أيضا. و لذلك يجب حماية المودعين وسوف يمثل ذلك أولوية للجهات التنظيمية. كما يجب على مؤسسات التمويل الأصغر ومشرفي الجهات التنظيمية مراعاة الخيارات الصعبة ؛ مثل ما إذا كان يجب وضع حدّ أقصى للعميل عند سحب الودائع.
لقد بدأت مؤسسات التمويل الأصغر وعملاؤها في الشعور بآثار الانهيار الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد-19. وهذه المبادئ الرئيسية من الممكن أن تساعدنا على تشكيل خطة إنقاذ للقطاع تكون قوية و مرنة في نفس الوقت. إننا بحاجة إلى العمل على وضع الهياكل وتنسيق الردود من أجل الحصول على أفضل فرصة للنجاح في التخفيف من آثار هذه الأزمة العالمية.
ندعوكم لمواصلة المناقشة والمساهمة بالتعليقات على المنتدى التالي: covid-finclusion.org ، الذي هو عبارة عن منتدى للنقاش حول التحديات والحلول المتعلقة بقطاع الشمول المالي للتعامل مع جائحة كوفيد 19. وسوف يقوم مؤلفو هذا المقال بالرد على التعليقات والأسئلة. يرجى الانضمام إلى النقاش: خطة إنقاذ لقطاع التمويل الأصغر: كيف يجب أن تكون ؟
مدونة البوابة
المزيد عن هذا المحتوى
د. إيرا ليبرمان هو رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة LIPAM الدولية. لديه أكثر من أربعة عقود من الخبرة في التنمية الدولية والقطاع الخاص. كان إيرا أول رئيس تنفيذي لمجموعة سيجاب.
بول ديليو هو مؤسس شركة Grassroots Capital Management PBC ولديه أكثر من ثلاثة عقود من الخبرة في تمويل التنمية و 20 عامًا من الخبرة في قطاع التمويل الأصغر.
تاريخ النشر
المواضيع
مساهمة من أحد أعضاء المجتمع العالمي للشمول المالي. شارك بخبرتك والدروس المستفادة.
اكتب للبوابةاترك تعليق
يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.