ثنائية التمويل الأصغر
التمكين الاقتصادي باعتباره توفير فرص الاستخدام والانتفاع بالموارد الاقتصادية لغرض الاستهلاك والإنتاج، الذي يعتمد على ما يملكه الفرد من موارد، أداة مهمة لكسر حلقة الفقر. ويعد القطاع المالي أهم أدوات التمكين الاقتصادي، إلا إن هذا القطاع لا يوفر الخدمات المناسبة للفقراء؛ نظرا لحاجتهم الى منتجات مالية تتلاءم وواقعهم المالي. ومن ثم، كانت فكرة التمويل متناهي الصغر أو التمويل الأصغر الذي يوفر خدمات مالية مناسبة للفقراء.
التمويل الأصغر ما بين الاستدامة المالية والوصول إلى الفقراء
لتفعيل دور التمويل الأصغر في التمكين الاقتصادي والحد من الفقر، يجب أن توفر مؤسسات التمويل متناهي الصغر الخدمات المالية لمزيد من الفقراء. ومن أجل تحقيق ذلك؛ يجب أن تسعى تلك المؤسسات إلى تحقيق هدفان، يمكن أن نطلق عليهما "ثنائية التمويل الأصغر":
- الأول، ماليا، وهو الاستدامة المالية، بما يضمن استمرارية تقديم الخدمات؛ وزيادة الانتشار من خلال تحقيق مستوى ربحية يغطي على الأقل التكلفة التشغيلية والتمويلية، دون الاعتماد على دعم الجهات المانحة (الأداء المالي).
- الثاني، اجتماعيا، وهو الانتشار والوصول إلى الفقراء لتمويل مشروعاتهم أو استهلاكهم؛ وتوليد الدخل؛ وتوفير فرص العمل وتراكم الأصول، ومن ثم الحد من الفقر (الأداء الاجتماعي).
وبينما يعد الهدف الثاني هو غاية مؤسسات التمويل متناهي الصغر، إلا أن الاستدامة المالية وسيلتها في ذلك. وعليه، يمكن اعتبار هدفها المحوري تحقيق الاستدامة المالية لزيادة الانتشار والوصول إلى الفقراء. وحتى وقت قريب، ظل الاهتمام الأكبر، بل الأوحد، بتقييم وقياس الأداء المالي للمؤسسة؛ باعتباره الأكثر تعبيرا عن الأداء وقابل للقياس بوضوح. ولكن، منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تحول الأمر بشكل واضح لتشمل عملية التقييم الأداء الاجتماعي أيضا، بل وصياغة مبادئ لإدارة الأداء الاجتماعي لمؤسسات التمويل متناهي الصغر.
إشكالية سعر الفائدة
عند الممارسة الفعلية لنشاط التمويل متناهي الصغر، قد يتعارض تحقيق هدف الاستدامة المالية مع هدف الانتشار والوصول إلى الفقراء، ومن ثم عدم تحقيق التوازن بينهما، بما ينعكس سلبا على قدرة التمويل متناهي الصغر في الحد من الفقر.
وهناك عدة أمور تشكل هذا التعارض، من أهمها في حالة الإقراض متناهي الصغر هو سعر الفائدة الذي يعد العامل المشترك بينهما. فمن ناحية، هو مقابل حصول الفقراء على القروض متناهية الصغر، ومن ناحية آخري، هو عائد مؤسسات التمويل متناهي الصغر مقابل تقديم الخدمات المالية. ومن ثم قد يؤدي عدم مراعاة تسعير منتجات القروض متناهي الصغر بما يعزز هدفي الاستدامة المالية وزيادة الانتشار والوصول إلى الفقراء معا، إما إلى تراجع تلك المؤسسات عن تقديم الخدمة من الأساس، أو عدم تحقيق الأثر الاجتماعي المنشود.
إلا أن أسعار فائدة القروض متناهية الصغر، تعتمد بالأساس على تكاليف المؤسسة ومستوى أرباحها، وهو ما يتطلب معرفة طبيعة واتجاه تأثير الاستدامة المالية على الانتشار والوصول إلى الفقراء.
مساران لتأثير الربحية على الهدف الاجتماعي
يمكن استخلاص إطار لأثر الاستدامة المالية على الوصول إلى الفقراء، يقوم على ثلاثة عناصر، هي: سعر الفائدة، الأرباح، والتكاليف. يتمثل الأثر السلبي المتوقع للاستدامة المالية على الوصول، في سعي مؤسسات التمويل الأصغر إلى زيادة أسعار الفائدة على القروض، بما يشكل عائق أمام حصول الفقراء عليها. ولكن ما يحد من هذا الأمر، اضطرار العملاء إلى قبول أسعار الاقتراض، مع ارتفاع تكلفة البدائل الأخرى، كما يمكن التحكم والحكم على معقولة أسعار الفائدة من خلال كفاءة المؤسسة. إما على مستوى الوصول الى الفقراء قد تؤثر أسعار الفائدة سلبيا على وصول الأقل دخلا إلى خدمات التمويل الأصغر.
وعن الأثر الإيجابي المتوقع للاستدامة المالية على الوصول، فيتمثل في زيادة قدرة مؤسسات التمويل الأصغر على تقديم القروض لمزيد من الفقراء، من خلال جذب مزيدا من مصادر التمويل التجاري لأعمالها. ومن ثم، نمو أعمالها وتطوره، الأمر الذي ينعكس إيجابيا على الوصول إلى الفقراء. إلا أنه قد يصاحب ذلك التعامل مع عملاء أقل فقرا، بما يعنى الانحراف عن استهداف الفقراء.
أي أن هناك مسارين لتأثير الربحية على الوصول إلى الفقراء: مسار سلبي محتمل عبر قناة سعر الفائدة. وأخر، إيجابي محتمل عبر قناة نمو أعمال مؤسسة التمويل متناهي الصغر. من ثم، يجب التحقق من محصلة الأثرين السلبي والايجابي.
الحسيني شربيني، أكاديمي متخصص في التنمية الاقتصادية والاقتصاد الاجتماعي والتمويل متناهي الصغر. حاصل على درجة الماجستير في الاقتصاد، ومحاضر مساعد بقسم الاقتصاد بجامعة سوهاج، مصر.
انا اعتقد بالرغم من اهميه الاستدامة المالية للبنوك الإقراضية و مؤسسات التمويل الأصغر ولكن يجب فصلها عن التغطية و بين تحقيق الربح للمؤسسة الممولة حيث لا ينعكس ذلك على سعر الفائدة لات هنالك تكاليف أخرى يتحملها هؤلاء الفقراء في الحصول على القرض ز. و لكن عوضا يجب ان يلجأ البنك او الى زيادة نكلفه الخدمات الأخرى حتى يحقق الاثنين معا الاستدامة و التغطية
اترك تعليق