الشراكة الإستراتيجية من أجل بناء قدرات مقدمي الخدمات المالية غير المصرفية
تم إنشاء الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر بموجب قانون رقم 141 لعام 2014 ليكون المظلة الوطنية لصناعة التمويل متناهي الصغر المصرية والجهة المنوط بها من أجل دعم وبناء القدرات المؤسساتية وتنمية مهارات العاملين بالقطاع وتنمية نشاط التمويل متناهي الصغر. يضم الاتحاد في عضويته 938 مؤسسة غير هادفة للربح و9 شركات خاصة مرخصة من قبل هيئة الرقابة المالية بالإضافة إلى 9 بنوك تعمل في مجال التمويل متناهي الصغر وتخضع لإشراف البنك المركزي المصري. على مدار أربع سنوات، وجد فريق إدارة الاتحاد نفسه أمام 956 عضوا لديهم قدرات واحتياجات متفاوتة. كيف استطاع الاتحاد أن ينفذ خطة لبناء القدرات تلبي الاحتياجات المختلفة للأعضاء؟
البدء من أرضية مشتركة
منذ نشأته، بذل الاتحاد مجهودا كبيرا لتعزيز وعي جهات التمويل متناهي الصغ من الأعضاء وحرص الاتحاد على انتقاء موضوعات بناء القدرات التي تلبي الاحتياجات سواء الخاصة بضوابط الهيئة العامة للرقابة المالية أو التي تهدف إلى تحسين أداء الأعضاء ورفع كفاءتهم بما يساير أفضل الممارسات المتعارف عليها عالمياً.
منذ 2015، تمكن الاتحاد من تقديم اجمالي 92 دورة تدريبية في مختلف محافظات الجمهورية بعدد أيام تدريبية تصل إلى 301 يوماً استفادت منها 1996 جهة مشاركة بإجمالي 2811 متدرب من المؤسسات الأعضاء في الاتحاد.
تلبية الاحتياجات المختلفة والاستعانة بخبرات الأعضاء
يضم الاتحاد في عضويته مجموعة عريضة من مؤسسات التمويل متناهي الصغر والتي تتفاوت في قدراتها من الشركات والمؤسسات الكبيرة والبنوك إلى جمعيات تنمية المجتمع المحلي. ولقد طالب القانون على بناء البنية المؤسساتية لممارسي الصناعة وقام بتدريج المتطلبات بالتوافق مع حجم المحفظة النشطة لمقدمي الخدمات. فعلى سبيل المثال، طالب القانون الجمعيات من الفئة (أ) ببنية مؤسساتية كاملة من حيث الحوكمة ونظم المعلومات وإدارة المخاطر وإدارة المراجعة الداخلية وحد أدنى من المتطلبات لأصحاب الوظائف القيادية بها؛ وقام القانون بتخفيف تلك المتطلبات مع التدرج إلى الجمعيات من الفئة (ب)، وخفف بشكل ملحوظ تلك المتطلبات مع الجمعيات من الفئة (ج).
ولقد حصلت الجمعيات من الفئة (ج) على النصيب الأكبر من المشاركات في الدورات التدريبية وعدد المستفيدين نظرا لتنامي احتياجها للتوعية وتعطشها لبناء القدرات. وعلى الرغم من صعوبة إجراءات ومتطلبات التوافق مع القانون على بعض الجمعيات، إلا أنه في نهاية الامر انصبت كل المجهودات لصالح البنية المؤسساتية للجمعيات وبالتالي لصالح الصناعة ككل.
شراكة استراتيجية مع أطراف متعددة من أجل الاستدامة
لقد اكتسب الاتحاد على مر السنوات مهارات متعددة للتواصل مع المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية، فضلاً عن اكتشاف الاحتياجات التدريبية للأعضاء، وعكف على تقديم الدورات التدريبية في مختلف المحافظات بأنحاء مصر. فما لبث أن تم انتخاب مجلس إدارة الاتحاد في منتصف سبتمبر 2015، حتى تم وضع خطة تدريبية متكاملة لعام 2016، أثمرت عن تنفيذ 12 دورة تدريبية في القاهرة والاسكندرية والمنيا وأسيوط وأسوان بالشراكة مع أربع جهات محلية ودولية ، هي صندوق سند الألماني، شبكة التمويل الأصغر للبلدان العربية (سنابل)، مؤسسة SEED ، فضلاً عن برنامج تدريبي متخصص مع الهيئة العامة للرقابة المالية والشركة المصرية للاستعلام الائتماني I-Score.
قدم الاتحاد بالتعاون مع سنابل تدريب الجمعيات فئة (ب)، استفاد منها 18 متدرب وتم من خلال هذا البرنامج تخريج عدد ثلاثة متدربين معتمدين من الشبكة الإقليمية. كما عقد برنامج مع الهيئة العامة للرقابة المالية للتدريب على تطبيق نظام محاسبي بسيط في محافظتي القاهرة وأسوان، لإرشاد الجمعيات ومؤسسات التمويل متناهي الصغر على اتباع معايير محاسبية منظمة، لاسيما أنه كان من الضروري إرشاد الجمعيات الأهلية ومؤسسات التمويل للتوافق مع الضوابط الجديدة التي وضعتها الرقابة المالية طبقا لقانون تنظيم النشاط .
وفي عام 2017، تم توقيع أول تعاقد لتوفير دورات تدريبية بالتعاون مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر (الصندوق الاجتماعي للتنمية سابقاً) الذي يتعاون مع جهات التمويل متناهي الصغر خاصة الفئة (ج)، فضلاً عن التعاون مع الشركة المصرية للاستعلام الائتماني I-Score، وشركة تنمية للتمويل متناهي الصغر، بجانب الوكالة الفرنسية للتنمية.
استكمل الاتحاد برنامج الدعم الفني وبناء القدرات للأعضاء بالتعاون مع شركة تنمية للتمويل متناهي الصغر، كما عكف الاتحاد على تعظيم استفادة الأعضاء واقتناص الفرص المتاحة محلياً وخارجياً. تمكن الاتحاد من تقديم منحة تدريبية لإدارة المخاطر في لوكسمبورغ، فضلاً عن دورة تدريبية مع الجمعية اللبنانية للتنمية (المجموعة) لبناء القدرات في مجال إدارة المراجعة الداخلية.
وفي عام 2018، تعاون الاتحاد مع البنك المركزي المصري من خلال تمويل البنك المركزي بنسبة 80% لبرنامج تدريبي متكامل على مدار عام أسهم في تعزيز أداء جهات التمويل متناهي الصغر في عدد من الموضوعات الرئيسية منها التحليل المالي وتحديد سعر الفائدة وإدارة المتأخرات وإدارة المراجعة الداخلية وأساسيات التمويل الأصغر.
ويعكف الاتحاد على تنفيذ برنامج تدريبي متكامل مع الهيئة العامة للرقابة المالية بعنوان الدليل التطبيقي لقواعد ممارسة نشاط التمويل متناهي الصغر وإعداد التقارير الرقابية بهدف مساعدة نحو 412 عضو مخالف لإستيفاء الضوابط القانونية لممارسة نشاط التمويل متناهي الصغر.
لقد تواصل الاتحاد مع كافة الجهات لرعاية الأنشطة التدريبية المقامة وتقديم التدريب بمقابل مادي بما يتناسب مع القدرات المالية لتلك الجهات. عزز ذلك من رفع كفاءة الجهات الأعضاء بصورة ملموسة، مما أسهم في تحسين أداء سوق التمويل متناهي الصغر ككل. كما قام الاتحاد بتوقيع بروتوكول تعاون مع ثلاث شركات من الأعضاء وهي شركة تنمية، تساهيل، وشركة تمويلي، بهدف رعاية أنشطة الاتحاد خلال السنوات المقبلة.
وختاماً، ينبغي الإشارة إلى بعض التحديات التي تواجه صناعة التمويل متناهي الصغر وتتمثل في استخدام خدمات التكنولوجيا المالية Fintech والأدوات الجديدة في إتاحة التمويل متناهي الصغر، مما يحتم تعزيز ثقافة وقدرات أعضاء الاتحاد لاستخدام الآليات المستحدثة، خاصة في ظل اهتمام الهيئة العامة للرقابة المالية بنشر هذه الخدمات بين اللاعبين بالسوق كما هو متمثل في إصدار ضوابط الدفع الإلكتروني والدفع عبر الهاتف المحمول، فضلاً عن إتاحة منتج تمويلي جديد يعمل إلكترونياً وهو منتج النانو Nano Finance.
وهنا تكمن أهمية دور الشبكات والمؤسسات المبنية على العضوية مثل الاتحاد في بناء قدرات أعضائها من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة مثل هذه التحديات ومواكبة تغيرات السوق؛ لاسيما أن هذه الأدوات الجديدة تعد نقلة نوعية في سوق التمويل متناهي الصغر في مصر وتتزامن مع التوجهات المحلية والعالمية نحو مجتمع مشمول مالياً يقلل من تداول النقود بين أفراده.