تبادل الخبرات من بيروت إلى باكو

ليس من السهل بناء شبكة تمويل أصغر قوية وفعّالة وموجهة لمصلحة أعضائها. يجب على الشبكات أن تقوم بمعالجة التحديات المؤسسية المعقدة مثل بناء هياكل حوكمة قوية وضمان الاستدامة المالية و تطوير الخدمات المبتكرة – كل ذلك في نفس الوقت الذي تقوم فيه بخدمة الاحتياجات الفريدة للأعضاء في سوق التمويل الشامل.

إن تبادل الخبرات بين الأقران الذي تم الترتيب له من خلال زيارة ميدانية يعتبر فرصة مثالية لأعضاء مجلس إدارة المؤسسة المعنية وموظفيها من أجل التعلم من خبرات الآخرين والعودة بأفضل الممارسات إلى بلدهم. وكجزء من دور شبكة سيب لتقديم خدمات بناء القدرات من خلال برنامج سبل العيش والتمويل الشامل (لايف LIFE)، فقد تم تقديم هذه الفرصة لأعضاء مجلس إدارة وموظفي جمعية مؤسسات التمويل الأصغر في لبنان. وفي بداية هذا العام، تم اصطحاب أربعة ممثلين لأعضاء مجلس إدارة الجمعية اللبنانية واثنين من موظفي الجمعية، وأحد أعضاء برنامج لايف، من مدينة بيروت إلى مدينة باكو للقيام بزيارة لتبادل الخبرات بين الأقران على مدار ثلاثة أيام  في استضافة جمعية مؤسسات التمويل الأصغر في أذربيجان؛ وهي عضو مميز في شبكة سيب.

تبادل الخبرات

تم تصميم جدول أعمال الزيارة بحيث تم تزويد المشاركين من الجمعية اللبنانية بلمحة عامة عن الأولويات الرئيسية لجمعية أذربيجان وتجربة الجمعية وتصورها لأفضل الممارسات. وتم عقد مجموعة من الجلسات على مدار الأيام الثلاثة تم فيها إطلاع المشاركين على موضوعات مثل الحوكمة الفعالة، والخدمات التي تقدمها جمعية أذربيجان، وإستراتيجيات العضوية، والاستدامة المالية والتشغيلية بالإضافة إلى دور الجمعيات والشبكات في دعم وتأييد السياسات العامة والدفاع عنها.

كما قام  تيمور هيباتوف، أخصائي القطاع المالي بمؤسسة التمويل الدولية ، بتقديم عرض عن "الشمول المالي الرقمي" وهو موضوع يلقى اهتمام العديد من مؤسسات التمويل الأصغر والشبكات التي تسعى إلى زيادة إمكانية الوصول إلى الخدمات عن طريق الاستفادة من تقدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق الشمول المالي.

التعلم الميداني

لم يقتصر التعلم خلال الزيارة على جلسات ورش العمل، فقد قام المشاركون اللبنانيون بزيارة مؤسستين من أعضاء الشبكة الوطنية في أذربيجان هما: مؤسسة AzerCredit وهي مؤسسة تمويل أصغر ، و بنك باكو وهو بنك تجاري.

وقدمت مؤسسة AzerCredit لمحة عامة عن منتجاتها وخدماتها و نموذج الأعمال الخاص بها، مما أتاح الفرصة للزوار لإجراء مقارنة مع ممارسات الإقراض والتشغيل الخاصة بمؤسساتهم. وشاركت المؤسسة أيضا بأمثلة عن كيفية قيام جمعية أذربيجان بدعم عملياتها التشغيلية من خلال دعم وتأييد السياسات العامة والمناصرة، والتواصل مع المستثمرين، وتطوير المواد الترويجية وإجراء دراسات السوق. وقد كان من شأن المشاركة بهذه المعلومات؛ إعطاء الجمعية اللبنانية نبذة أولية عما يمكن لشبكة التمويل الأصغر تقديمه من خدمات ذات قيمة مضافة لأعضائها.

أما زيارة الفرع الريفي لبنك باكو فقد سلطت الضوء على الأساليب التي يمكن للبنوك التجارية أن تتبعها من أجل تقديم خدمات إقراض أصغر للفئات الفقيرة من السكان وذلك باستخدام أسلوب يرتبط بالعملاء ارتباطا وثيقا ويكون مخصصا لهذا الغرض. وقد أثبتت هذه الزيارة أن بإمكان شبكات التمويل الأصغر أن تقوم بتنويع العضوية لتشمل البنوك التجارية التي لديها رسالة اجتماعية. 

وقامت جمعية أذربيجان أيضا بترتيب اجتماعات مع الأطراف المالية التنظيمية لدى بنك أذربيجان المركزي. وقد اكتسب المشاركون خلال المناقشة وتبادل الخبرات، أفكارا عميقة عن كيفية مشاركة جمعية أذربيجان مع الأطراف التنظيمية من أجل التأثير الإيجابي على السياسات العامة والبيئة التنظيمية للتمويل الأصغر نيابة عن أعضاء الجمعية.

التواصل مع المجتمع المحلي

وكان من أبرز ما تم في الزيارة هو القيام بجولة في "الجمعية العالمية للسجاد" وهي عبارة عن مشروع في منطقة جوبا بأذربيجان، حيث تقوم فاطيما أغاميرزاييفا، مديرة الشبكة الأذربيجانية بتدريب النساء على الطرق التقليدية لنسج السجاد. وقد أوضحت الزيارة انه يمكن لشبكة مبنية على العضوية وفي أغلب الوقت ليس لديها أنشطة مباشرة مع رواد الأعمال من إنشاء روابط مع المشروعات الصغيرة التي تستفيد من الاقراض الأصغر وممارسات الشمول المالي. وفي ختام الزيارة، استمتع المشاركون بحفل عشاء احتفالي غلب عليه الجو الودي والغناء والرقص والعديد من الوجبات التقليدية.

النتائج الرئيسية المستخلصة

بفضل زيارة جمعية مؤسسات التمويل الأصغر في لبنان لنظيرتها في أذربيجان، تم تبادل الخبرات والأفكار عما يمكن لشبكة تمويل أصغر تقديمه من خدمات ذات قيمة مضافة لأعضائها.

إن التطوير المؤسسي والاستدامة المالية والتشغيلية للشبكات والجمعيات المبنية على العضوية عملية في غاية التعقيد وقد تأكد المشاركون من ذلك خلال هذه الزيارة. وبالرغم من ذلك، هناك بعض النتائج الرئيسية والدروس المستفادة المستخلصة كما يلي:

• من المهم تطوير العلاقات وبث روح التعاون فيما بين أعضاء مجلس الإدارة من أجل التوافق حول إستراتيجية تقوم بتلبية احتياجات الأعضاء والاستدامة المالية.
• إن الاتصالات المستمرة فيما بين أعضاء مجلس الإدارة والتواصل المستمر مع أعضاء الجمعية هو المدخل لإنشاء شبكة متماسكة ومتشاركة.
• يمكن للشبكات أن تقوم بدور حلقة الوصل بين مؤسسات التمويل الأصغر الأعضاء والجهات الحكومية التنظيمية، وكذلك القيام بدعم تطور التغيرات الخاصة بالسياسات العامة التي من شأنها خلق بيئة تمكينية قوية للشمول المالي.
• وأخيرا، فمن الضروري إدراك أن الأمر يتطلب بعض الوقت والصبر والالتزام من أجل الوصول إلى رؤية ورسالة مشتركة من أجل بناء شبكة قوية. وعند تواجد هذه العناصر، فإن الشبكات سوف يكون لديها الأساس القوي للازدهار.

المشاركون من لبنان

تم تمثيل موظفي جمعية مؤسسات التمويل الأصغر في لبنان بواسطة كل من نجوى رحال، مدير برامج، وعلا الحريري، مدير التواصل. وتم تمثيل مجلس الإدارة كل من عبد مقدم،  مدير العمليات وممثل لعضو مجلس الإدارة عن مؤسسة المجموعة، وإلدا نحاس، المدير التنفيذي وأمين صندوق مؤسسة تنمية الرواد، وشادي راشد، مدير جمعية التضامن المهني، وحسن ناصر، مسؤول ميداني لدى جمعية إنماء القدرات في الريف. 

عن مشروع تحسين سبل العيش وتعزيز التمويل الشامل  (لايف LIFE)

مشروع ممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وتقوم بتنفيذه شركة بلاديوم. وقد تم تصميم المشروع من أجل ربط رواد الأعمال المهمشين بخدمات التدريب على الأعمال والخدمات المالية، وتحسين سبل العيش، واستحداث فرص العمل، والحد من الفقر، بالإضافة إلى تعزيز نمو ودعم  قطاع التمويل الأصغر في لبنان. كما ان تحقيق الشمول المالي يعتبر المكون الأساسي للمشروع. وتعتبر جمعية مؤسسات التمويل الأصغر في لبنان طرفا فاعلا رئيسيا في تعزيز جهود قطاع التمويل الأصغر اللبناني لتحقيق الشمول المالي.