هل يشكل اللاجئون السوريون فرصة حيوية لسوق التمويل الأصغر؟
منذ اندلاع القتال في عام 2011، نزح أكثر من 1.6 مليون سوري إلى لبنان و الأردن. وبينما ظل الكثيرون معرضين للخطر، حصل عدد كبير على عمل وبدأوا مشروعاتهم ونجحوا في استئناف حياتهم بشكل ناجح. وقد شهدت مؤسسات التمويل الأصغر هذا التدفق البشري ودرست إمكانية وطريقة خدمة هذه الفئة. إلا أن عدم توافر المعلومات كان من شأنه إعاقة هذه المؤسسات. فهل بإمكان اللاجئين الاقتراض والسداد؟ وهل سيتركون البلد قبل السداد؟ وهل يوجد عدد كاف من اللاجئين الجديرين بالائتمان لتبرير التعامل معهم بشكل كبير؟
وظلت مؤسسات التمويل الأصغر بعيدة عن هذه الفئة بسبب عدم وجود إجابات لتلك الأسئلة، مما حرم اللاجئين من الحصول على الائتمان الذي من الممكن أن يساعدهم على تحسين سبل معيشتهم؛ وقد أدى ذلك أيضا إلى حرمان مؤسسات التمويل الأصغر من الاستفادة من فرصة متوفرة بالسوق.
وللإجابة على هذه الأسئلة، قام صندوق سند لتمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في عام 2017 بالتعاقد مع منظمة ميكينج سنتس الدولية وذلك لإجراء بحث كمي ونوعي حول الجدارة الائتمانية للاجئين وتدعيم مؤسسات التمويل الأصغر المهتمة بخدمة هذه الفئة. ومن خلال العمل مع مؤسسات التمويل الرائدة؛ المجموعة في لبنان وفيتاس في الأردن، قامت منظمة ميكينج سنتس بعقد اجتماعات لمجموعات نقاش بؤرية مع اللاجئين من أجل فهم خصائص الجدارة الائتمانية، ثم تم بعد ذلك إجراء عدد من الاستقصاءات بهدف تقدير حجم السوق.
نتائج البحث
أشار البحث النوعي إلى وجود ثلاث شرائح رئيسية لأسر اللاجئين في لبنان والأردن كما يلي:
- الأسر المستقرة وهي عبارة عن الأسر القادرة على تغطية نفقاتها بسبب عملها أو قيامها بمشروعاتها الخاصة
- الأسر النامية التي تقوم بتطوير سبل العيش المستدامة إلا أنها لا تزال تعتمد على الحوالات المالية والمساعدات الإنسانية من أجل تغطية أوجه القصور
- الأسر المستضعفة التي قد تكسب بعض الأموال من خلال العمل أو ريادة الأعمال إلا أنها تظل معتمدة بشكل كبير على المساعدات الإنسانية
وقد اتضح أن الأسر التي تستوفي معايير "الأسرة المستقرة" هي بشكل عام جديرة بالحصول على الائتمان، في حين أن "الأسر النامية" و"المستضعفة" كانت غير جديرة بالحصول على الائتمان.
تم وصف "الأسر المستقرة" من اللاجئين باستخدام قصص كل من السيدة بانة والسيد عدنان، وتم تصنيفها على أنها الأسرة التي تحصل على دخل شهري مساو أو يزيد عن الحد الأدنى للأجور المحلية (446 دولار في لبنان، و336 دولار في الأردن)، والتي غالبا ما يتم قيادتها عن طريق الذكور العاملين، وينتج الدخل من عمل دائم أو من العمل الحرّ، وغالبا ما تكون الوظيفة هي نفس الوظيفة التي كانوا يعملون بها في السابق. وهذه الأسر بصفة عامة كانت تعيش في نفس المنطقة لأكثر من ثلاث سنوات، وقد شعرت بالاندماج في المجتمع المحلي، وغالبا ما يكون لديها إقامة قانونية وتصاريح للعمل. ونتيجة لدخلها الثابت واستقرارها، فهي واثقة من قدرتها على الالتزام بالشروط الشائعة للقروض بما في ذلك الحصول على ضامن أو الانضمام إلى مجموعة ضامنة. وقد كانت هذه الشريحة أثناء إجراء الاستقصاء مهتمة بالاقتراض (44% في لبنان و47% في الأردن) ، وكان الاستثمار في المشروعات الصغيرة يمثل حافزا كبيرا (42% في لبنان و59% في الأردن). وبالنسبة لجميع النوايا والأغراض، فقد طابقت مواصفاتهم مع ما هو موجود في العديد من العملاء من ذوي الدخل المنخفض بالمجتمعات المضيفة، ولكن مع وجود مخاطر أكبر بسبب ما ينطبق عليهم من طابع غير رسمي والرؤية غير الواضحة عن مدى نجاح اللاجئين للقيام بالمشروعات.
ولذلك، فقد ساعدنا البحث الكمي لما يزيد عن 1,000 لاجئ على تقدير حجم الطلب.
وتشير النتائج في لبنان إلى وجود 14% تقريبا من أسر اللاجئين السوريين التي من الممكن تصنيفها على أنها "أسر مستقرة" مما يشير إلى وجود 14,300 أسرة على الأقل مهتمة بالاقتراض، مما يشكل سوقا محتملة قيمتها 17,8 مليون دولار من القروض. وقد كانت النتائج مشابهة لذلك في الأردن، بوجود حوالي 16% من أسر اللاجئين السوريين التي تم تصنيفها على أنها "أسر مستقرة". وترتبط هذه النسبة المئوية بالطلب المقدّر على الائتمان لحوالي 13,000 أسرة، والتي قد يصل مبلغ إقراضها إلى 13.1 مليون دولار.
إن هذه المعلومات مجتمعة تشير إلى وجود فرصة حيوية لسوق التمويل الأصغر. وعلاوة على ذلك فإن الطلب آخذ في النمو لأن "الأسر النامية" من اللاجئين سوف تصبح أكثر استقرارا. ويمكن تقدير هذا الطلب بالمستقبل القريب في لبنان عند 34,000 أسرة من اللاجئين، مما يشكل طلبا على الائتمان بمقدار 42.4 مليون دولار، في حين أن الطلب في الأردن قد يزيد بعدد إضافي هو 10,900 أسرة من اللاجئين بزيادة اقتراض إضافية بمقدار 10.1 مليون دولار.
فرصة حيوية بالتأكيد!
وبفضل هذه البيانات، بدأت مؤسسات تمويل أصغر في خدمة سوق اللاجئين مثل المجموعة في لبنان وصندوق المرأة في الأردن، وذلك بتقديم منتجات غالبا ما تكون "إقراض جماعي" في البداية للنساء اللاجئات. وتقوم المؤسستين حاليا بخدمة أكثر من 6,000 لاجئ وتخططان للتوسع في الإقراض الفردي خلال عام 2018. وقد أدى نجاحهما المبكر في تشجيع مقرضين رئيسيين آخرين مثل فيتاس لبنان وتمويلكم في الأردن للبدء في خوض التجربة.
إن هذه الخدمات المالية سوف تساعد السوريين أثناء لجوئهم في تحسين سبل العيش وإدارة أصولهم. ولكن، ماذا عن عودتهم ؟ تقوم منظمة ميكينج سنتس بالبدء في دراسة هذا الأمر والطريقة التي يمكن بها تحويل التاريخ الائتماني إلى سوريا من أجل تسهيل إمكانية الوصول إلى الائتمان وإعادة البناء عند العودة.