الطريق إلى تعميم الخدمات المالية لشباب الريف
لا تزال البطالة بين الشباب تحديا يتصدر عناوين الصحف. وفي الآونة الأخيرة تناولت صحيفة نيويورك تايمز هذا التحدي الديموجرافي تحت عنوان"العالم يواجه مشكلة: أعداد غفيرة من الشباب." وقد أثارت هذه العناوين الاهتمام بالشباب ودفعت الحكومات والمانحين لإعادة التركيز على جهودهم الرامية إلى توظيف هذه الشريحة المتنامية من السكان. وتوسعت جهود تعميم الخدمات المالية للشباب أيضا، بهدف تزويدهم بخدمات الائتمان والادخار اللازمة لتسهيل سبل "كسب العيش والتعليم".
ولكن من أين ينبغي لهذه المبادرات أن تبدأ: من إعداد الشباب، أم تحسين العروض التي تقدمها المؤسسات، أم تعديل السياسات، أم غير ذلك؟
لقد تركز معظم العمل حتى الآن على شباب المناطق الحضرية. وفي مسعى لزيادة المعرفة بأفضل سبل خدمة شباب الريف، نفذت ميكنج سنتس انترناشونال مشروع التمكين الاقتصادي للشباب الريفي في مصر والمغرب وتونس واليمن. وبتمويل من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) ومساهمات عينية وتقنية إضافية من مؤسسة صلتك، اختبر برنامج التمكين الاقتصادي للشباب الريفي خمسة أساليب مختلفة للتغلب على كل من التحديات النمطية للتمويل الريفي - من عدم كفاية البنية التحتية وتشتت السكان - والتحديات الخاصة التي تواجه شباب المناطق الريفية - بما فيها تدني مستوى التعليم والأعراف المتعلقة بالثقافة أو النوع التي تميز ضدهم كفاعلين اقتصاديين.
وقد عمل مشروع التمكين الاقتصادي للشباب الريفي من خلال شركاء محليين لتقديم الخدمات المالية وغير المالية لشباب الريف في البلدان الأربعة المستهدفة. وشملت البرامج التجريبية تشكيل مجموعات ادخار مخصصة للشباب في مصر، وتعزيز حسابات الادخار البريدية في المغرب، وتقديم أدوات للمعاملات بين الشركات عبر الهاتف المحمول وضمان تغطية الائتمان لصغار تجار التجزئة في تونس إلى جانب التوسع في قروض المشروعات للشباب في اليمن.
بنهاية المشروع الذي استمر ثلاث سنوات، حققت البرامج التجريبية لمشروع التمكين الاقتصادي للشباب الريفي تواصلا ملحوظا، حيث وفرت خدمات الإدخار أو الائتمان لما يقرب من 20543 شابا، وقدمت خدمات المساندة غير المالية إلى 14252 شخصا من الشباب. وفي إطار هذه العملية، رفع المشروع مستوى المعرفة بالموضوعات الرئيسية التالية:
- تعديل وإعداد منتجات مالية فعالة لشباب الريف
- تحديد المستوى المناسب ونظام تقديم خدمات المساندة غير المالية
- ربط المنتجات أو المؤسسات لتسهيل الانتقال من الهياكل غير الرسمية إلى الهياكل الرسمية
- استخدام التكنولوجيا لخفض التكلفة وتزويد الشباب بأشكال التمويل البديلة
- وضع أساليب مبتكرة لتحسين المنتجات في البيئات الريفية
لكن أهم مكتسبات المعرفة ربما كانت على المستوى الاستراتيجي. فالمشروعات التجريبية الخمسة انتهجت أساليب مختلفة في خدمة الشباب – من الاستراتيجيات المتتابعة التي ركزت على البالغين في المناطق الريفية أولا، ثم الشباب؛ والاستراتيجيات المتزامنة للبالغين والشباب معا؛ إلى تلك التي تبدأ بالشباب أولا. جميع المشاريع التجريبية كانت ناجحة في زيادة التواصل مع الشباب. غير أن أكثر الأساليب استدامة وقابلية للتوسيع تلك التي استفادت من البنية التحتية والابتكارات المستخدمة في خدمة البالغين أو طورتها لخدمة كل من البالغين والشباب في الوقت ذاته. فهذه النُهج كانت أكثر استدامة لأنها عالجت المشاكل المحورية للتمويل الريفي أولا – والمتمثلة في ضعف البنية التحتية وانخفاض الكثافة السكانية - من خلال التركيز على تطوير شبكات الفروع أو استخدام منصات التمويل الرقمية، قبل التحول إلى المشاكل الخاصة بالشباب من تدني مستوى التعليم ورفض البنوك التعامل مع العملاء الصغار السن وقلة فرص الحصول على ضمانات. هذه الاستراتيجية تتناقض مع استراتيجيات شباب المناطق الحضرية التي تتمتع فيها البنية التحتية المالية القائمة بالقوة الكافية لإفساح المجال أمام التركيز على الشباب من البداية.
وبالنسبة لشباب الريف، يعني هذا أن المؤسسات المالية ينبغي أن تستفيد من الاستثمارات والكفاءة المحققة من خدمة البالغين قبل أن تتحول إلى الشباب. وبناء على هذه النتائج التي أفضت إليها المشروعات التجريبية الخمسة للتمكين الاقتصادي لشباب الريف فقد خلصنا إلى أن حل مشكلة تعميم الخدمات المالية لا يبدأ بمعرفة كيفية خدمة الشباب بل بمعرفة كيفية خدمة أولياء أمورهم.
يمكن الإطلاع على مزيد من المعلومات بخصوص المشروع ودراسات الحالة (بالإنجليزية) بزيارة المواقع التالية:
- موجز: نتائج خمسة مشروعات تجريبية لتعميم الخدمات المالية لشباب الريف
- دراسة حالة 1: مجموعات ادخار الشباب في مصر
- دراسة حالة 2: قروض تمويل المشروعات للشباب الريفي في اليمن
- دراسة حالة 3: "الادخار للمستقبل" في المغرب
- دراسة حالة 4: تمويل سلسلة القيمة للشباب في تونس
- دراسة حالة 5: إقراض الشركات الناشئة للشباب في تونس
ميكنج سنتس انترناشونال هي مؤسسة اجتماعية فعالة تعمل على تحسين الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للشباب والبالغين في أنحاء العالم. تيم نورس، المدير التنفيذي لميكنج سنتس انترناشونال وركز في معظم مشواره المهني الذي بدأ قبل ما يزيد على عشرين عاما على الشمول المالي للضعفاء والمحرومين.