طرق الاعتماد على الذات للاجئين في المناطق الحضرية في مصر
منذ بدء الأزمة السورية في عام 2011، فر ما يقرب من 15٪ من سكان سوريا (أكثر من ثلاثة ملايين) من منازلهم للعثور على ملجأ في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر. وبالإضافة إلى الصدمة النفسية، فقد تهددت مصادر رزقهم. وفي مصر، ركزت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على مساعدة اللاجئين في المناطق الحضرية على الوقوف على أقدامهم باستخدام عناصر "نموذج التخرج من الفقر"، وهي سلسلة من الإجراءات التي تم اثبات فاعليتها في مساعدة الفقراء على بناء سبل العيش المستدامة.
تستضيف مصر حاليا أكثر من 190 ألف لاجئا، 75٪ منهم سوريين. تشمل الجنسيات الأخرى عراقيين وسودانيين وجنوب سودانيين وصوماليين وإثيوبيين، وإريتريين. يميل اللاجئون في مصر إلى الاستقرار في المناطق الحضرية في جميع أنحاء البلاد حيث، خلافا للمخيمات، يصبح تحديد الهوية، والتوعية، وتقديم الخدمات أكثر صعوبة. ويواجه اللاجئون صعوبة في الحصول على تصاريح العمل بسبب التشريعات المقيدة، والتي تدفعهم نحو القطاع غير الرسمي. وفي سياق ندرة فرص العمل (معدل البطالة كان أكثر من 13٪ في عام 2014)، يعتبر وجود اللاجئين في سوق العمل عبء على الرغم من قلة عددهم نسبيا بالمقارنة مع القوى العاملة المصرية (0.7٪)، وعادة ما يؤدي ذلك إلى التوتر مع المجتمعات المضيفة.
تعزيز الاعتماد على الذات: ثلاثة مشاريع تجريبية في مصر
مع استمرار الصراع في سوريا، أصبحت هنالك حاجة ملحة لإيجاد حلول مستدامة (اطلع على الخطة الإقليمية لمساندة اللاجئين استجابة للأزمة السورية ). وفي عام 2013، قررت المفوضية بالتعاون مع شركائها تريكل أب وجامعة براك اختبار" نموذج التخرج من الفقر" بهدف مساعدة اللاجئين في المناطق الحضرية على الانتقال من الوضع الحرج إلى الاستدامة الذاتية، والسعي لجعلهم أقل اعتماداً على المساعدات النقدية للمفوضية حتى خلال فترة تلقي خدمات الحماية (التعليم والصحة والدعم النفسي والاجتماعي).
وحتى الآن، أجرت المفوضية ثلاثة مشاريع تجريبية في مصر. تختلف هذه المشاريع عن نموذج التخرج الأصلي من حيث أنها تشمل العمالة المأجورة لبعض المشاركين، والتي تضمن دخلا لأولئك الذين لا يحملون المهارات المهنية ولكنهم على استعداد للعمل. وللمشاركين الذين يندرجون في إطار مسار العمل الحر، استعيض عن نقل الأصول نظير مساهمة نقدية. وتم تزويد جميع المشاركين بالتدريب المهني والارشاد الخاص بالتنمية الصحية والاجتماعية، فضلا عن دعم الاستهلاك عن طريق المساعدات النقدية. وقد تم تدريبهم على اشكال استراتيجيات الادخار على الرغم من أن اللاجئين في مصر ليس لديهم إمكانية فتح حساب مصرفي. وتم وضع كل مشارك مع أحد العاملين الميدانيين الذين عملوا مع أصحاب العمل والموظفين. وهذه المشاريع الرائدة لم تخص اللاجئين السوريين فقط (من 60% إلى 70%)، بل أيضا اللاجئين الآخرين الذين طالت إقامتهم (من 20% إلى-30%)، والمصريين أيضا (10%)، وذلك في محاولة لدعم المجتمعات المحلية.
وهيئة الإغاثة الكاثوليكية (CRS) كانت أول من نفذ المشروع التجريبي في القاهرة الكبرى في عام 2013. وقامت باختيار 580 مشاركا من ضمن 3,450 شخصا وعملت معهم على التدريب المهني، وكتابة السيرة الذاتية ومهارات الاتصال، والتفاوض، وإدارة الوقت. وقد تم تصميم خرائط الطرق المهنية لكل شخص ووجهتهم إلى أفضل وظيفة تناسبهم. أدى هذا المشروع الرائد إلى حصول حوالي 225 شخصا على وظيفة بأجر.
وقد تم تطوير مشروع مماثل في القاهرة في عام 2014 من قبل شركة استشارات ودعم التنمية الدولية (IDSC) وتم تنفيذ نفس الخطوات ومن حوالي 1,068 شخص، تم اختيار 83 للحصول على تدريب مهني. ومن ضمن المشاركين في البرنامج، وجد 197 وظيفة بأجر وقام 15 فردا ببداية مشاريعهم الخاصة. وبمجرد حصول المشاركين على وظيفة، استمرت المفوضية وشركائها في توفير الدعم المالي.
وفي ضوء النتائج الجيدة التي حققها المشروع في القاهرة، قامت كاريتاس بتجربته في الإسكندرية في 2014. وخلال مرحلة تعبئة المشاركين في يناير/كانون الثاني، تم اشتراك 2,250 فردا في التدريب، نجح 211 منهم في التوظيف الذاتي بينما حصل 244 على وظيفة بأجر.
النتائج الرئيسية: زيادة مستويات الدخل من خلال العمل المأجور
خضع ما يقرب من 8000 شخص خلال 2014 لعدد من التقييمات الاجتماعية والاقتصادية، وكان نصفهم ممن يتلقون التدريب لأغراض كسب الرزق، وثلثهم يتلقون أجرا أو يعملون بشكل حر.
منذ بداية المشروع، كان من الواضح أن العمل براتب ينتج دخلا أعلى من العمل الحر (1200 جنيه مصري مقابل 900 جنيه مصري في الشهر). وبالمقارنة مع الدخل بحسب الجنسية، لوحظ وجود فجوة بين المصريين والسوريين والمهاجرين من بلدان أفريقية أخرى، حيث حصل المصريون على راتب أعلى من راتب الأفراد من الدول الأفريقية بمقدار 70٪ ، أما السوريون فقد حلوا في المرتبة بين هاتين المجموعتين. أما المهاجرون من بلدان أخرى في أفريقيا فقد كانوا أكثر عرضة للبطالة بالمقارنة مع السوريين والمصريين (حوالي 80٪ بالنسبة للأفارقة، و 20٪ إلى 30٪ بالنسبة للسوريين والمصريين)، وقد حصل غير الناطقين باللغة العربية على دخل أقل.
وأكدت النتائج أيضا أن اللاجئين السوريين لديهم اهتمام أكبر بالعمل الحر. وكانت القطاعات الأكثر نجاحا هي قطاعات تجهيز الأغذية والمنسوجات وتصفيف الشعر، والبيع بالتجزئة. وتشارك النساء بشكل أكبر في الأنشطة المنزلية، حيث أنهم يشعرن أكثر أمانا في المنزل.
الخطة المستقبلية
اختارت المفوضية مؤسستين للشراكة من أجل التوسع في المشروع في عام 2015. وسيتم تنفيذ نموذج التخرج في المناطق الرئيسية التي يعيش فيها اللاجئون: القاهرة الكبرى (هيئة الإغاثة الكاثوليكية)، والإسكندرية ودمياط (جمعية كاريتاس). والهدف من ذلك هو الوصول إلى 870 شخصا يتلقون أجرا و508 يعملون لحسابهم الخاص، بما في ذلك 50 في المائة من النساء. ان الرصد الدقيق والمتابعة للعاملين لحسابهم الخاص سيكون من الأولويات، من أجل فهم أوضاعهم وتكييف البرامج المستقبلية وفقا لذلك.
في الوقت الحاضر، لا تزال المساعدات النقدية مستمرة للجميع. مدة البرنامج هي 28 شهرا، وستتوقف المساعدات النقدية عندما يحقق المشاركون دخلا مستمرا لأكثر من 12 شهرا على الأقل. ومع ذلك، لا يزال الوقت مبكرا لتحديد ما إذا كان هذا سيحدث بالفعل.
وبفضل تبني المشاريع لنموذج التخرج من الفقر، فإن العدد الكلي للمستفدين يتمتع الآن بالازدهار على نطاق أوسع. وعلاوة على ذلك، تم بناء علاقات اجتماعية واقتصادية وثقافية أقوى بين المجتمعات، الذين يستفيدون أيضا من معرفة ومهارات اللاجئين. وقدر اللاجئون حقوقهم بشكل أكبر لأن الاعتماد على الذات سيلغي آليات التصدي السلبية، ويعطي اللاجئين فرصة لبناء مستقبلهم.
*شارك في إعداد هذا المقال كل من كليليا وات- مساعد برامج وتقارير، وستيفن شوكا- مسؤول الخدمات المجتمعية، وراجهلنيد إيك - مسؤول أول الاتصالات في مفوضية اللاجئين في القاهرة.
نتمني من المفوضيه والمنظمات الشريكه ان تقوم بعمل جاد للاجئين واقامة مشاريع كما زكرا فعلا لا قولا ولا نري كل الذي قال ف ارض الواقع
اترك تعليق